هل أنت حر؟
ستنظر إلى يديك وقدميك خالية من الأغلال وتقول: نعم، أنا حر.
لكن هيهات، فالأغلال أحاطت بمعصمك وكبّلت ساقك وخنقت رقبتك!
إنها عبودية التقنية.
الناس عبيد لها، كل شخص – إلا القليل – عبد لبرامج المحادثة، لا يستطيع إزالتها من جهازه حتى لو قالت الشركة بوقاحة إنها ستشارك معلوماتك مع جهات أخرى، تظن نفسك قويا لكن تعجز عن ضغط زر “إزالة”.
هو عبد لبرنامج الخرائط، لا يقود إلا به.
عبد للتطبيقات الترفيهية والألعاب، تستحوذ على تفكيره وتركيزه المتواصل، يحاول الوصول لإنجازات وأرقام عالية باستمرار.
وأما السوشل ميديا فحدث ولا حرج! فهي مؤسسة عبودية كاملة، يتابعها هذا العبد بشهوة متفجرة وإدمانٍ ميؤوس منه، يتصفحها ويقلبها ويصدقها ويناقشها وينشرها ويفكر فيها، ويتابع المزيد والمزيد والمزيد! اقترح عليه أن يزيل اثنين من كبار تطبيقات السوشل ميديا وراقب ردة فعله، ستجد كأنها ردة فعل شخص قلتَ له: ما رأيك أن تستأصل إحدى كليتيك وترميها في الشارع؟!
هل تظن أني أبالغ في وصفي للإنسان المعاصر بالعبودية؟ إذن خذ هذا التحدي: أطفئ جوالك وضعه في الدرج، أو على الأقل ضعه في وضع بحيث لا يعمل إلا الهاتف والرسائل النصية، وعش هكذا أسبوعا واحدا فقط.. هل تستطيع؟ إذا استنكرتَ الفكرة أو أبعدتها عن ذهنك فورا فأزل عن ذهنك وهم الحرية، فإنما أنت ضحية جديدة لعبودية الزمن المعاصر، العبودية التقنية.