عندما تقرأ في الأدب العربي شيئا يوصف بالسحر، فهو غالبا ثناء، كأن يوصف جمال خط أحد الخطاطين أو موسيقى أو نثر أو شعر أو رسمة، فإذا حدثك صديقك عن تجربته قائلا: «تلك الأغنية كأنها سحر!»، عرفتَ أنه يمدحها.
لهذه الكلمة معانٍ مختلفة، وأحيانا نفس المعنى له شِقّان سلبي وإيجابي في نفس التراث الديني، فالسلبي لما وُصف الرسول عليه الصلاة والسلام أنه ساحر، وأما الإيجابي فحديثه لما قال: إن من البيان لسحرا.
وهذه الكلمة تصف ليس فقط الساحر الكافر بل الساحر الباهر الذي يتخصص في الخدع المعتمدة على خفة اليد، وهو أداء ترفيهي ممتع، فيجعل شيئا يختفي أو ينقسم إلى اثنين أو يطير، ليس بسبب قوى شيطانية بل بالبراعة وسنين من التدريب، وقد أثار استغرابي أحد المفتين لما سُئل عن حكم هذا النوع من «السحر» فقال إنه حرام! والأسوأ أن إجابته أتت في مجلة أطفال، فحرمهم من شيء ممتع.
والسحر ليس لدينا فقط بل تعرفه شعوب أخرى، من أغربها طائفة سحرة ظهرت في بريطانيا وانتشرت في أميركا منذ الخمسينات الميلادية، اسمها ويكا Wicca، عدد أعضائها بالإضافة لطوائف أخرى مماثلة يزيد على المليون، تحولت إلى حركة اجتماعية وليس فقط دينية، فثارت على التقاليد الدينية الأميركية، فبدلا من إله اخترعوا آلهة، وجعلوا دينهم متضادا بكل طريقة ممكنة مع الإرث البروتستانتي الذي شعروا أنه قيّدهم مئات السنين، وتركيز الدين هذا هو على النفس كمصدر للوحي والتشريع! وثاروا أيضا ضد التراث الاقتصادي الرأسمالي، ففي 1968م اجتمعوا و»سحروا» بورصة نيويورك، وفي مصادفة مضحكة نزلت البورصة 13 نقطة في اليوم التالي.. إن من السحر لغرائب!