كنت أتحادث وقلت عن شيء ما: هذا غريب.. فقال محادثي: “ما غريب إلا الشيطان”.
استغربت العبارة وبدت لي خاطئة، فسألته عن معناها أو أصلها فلم يعرف، وإنما هي عبارة آلية عند البعض عنما يسمع كلمة “غريب”، وهذا غريب!
لم تأتِ عبارة كهذه في القرآن ولا السنة، ولا أخبرنا الواقع أن الغرابة لا تأتي إلا من الشيطان، لكن تشيع عبارات خاطئة كهذه، منها مثلا قول البعض عندما يلفظ كلمة “أنا” فيتبعها بعبارة وأعوذ بالله من كلمة أنا، مرة أخرى شيء لا أصل له في الدين لكن تقليد غير ضروري، فمجرد استخدام كلمة “أنا” لا يعني الغرور وإنما هو وصف، وإلا كيف يصف الإنسان نفسه وأفكاره؟ أراه نوعا من التكلف.
وأما الغرابة فهي كلمة متنوعة متلونة، فنحن نعرف الحديث الصحيح والضعيف والحسن والمتفق عليه، لكن هناك حديث “غريب” كما يسميه علماء الحديث، ولا يعني هذا الغرابة المعروفة بل يعني حديثاً يتفرّد به بعض الرواة، وفي صغري كنت أظن المعنى أن العلماء يستغربون منه!
غريب تعني شيئا شذ عن المألوف، وفي الإنجليزية كلمة “weird” بهذا المعنى، وصارت في بعض سياقاتها شتيمة مبطنة، تعني أن الموصوف فيه خلل، وهذا غريب على المجتمع الغربي الذي لا يحث على الانصياع للتقاليد والأعراف، بل العكس يحبذ الانفرادية والتعبير عن النفس والتميز وإن كان بأغرب الطرق.
ختاما، فإن الغرابة أحيانا سيئة، كمن يأتي بأعراف جديدة تخالف تقاليد قومه ولا تضيف للمجتمع بل تُنقص منه، وأحيانا الغرابة هي الحق، كما قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: “بدأ الإسلام غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ”.