المدينة الفاضلة

أين يوتوبيا (المدينة الفاضلة)؟

نحن لا نعتقد أنها موجودة في الدنيا، فقط في الآخرة هناك السعادة والصفاء والمتعة الكاملة، لكن منذ أن تكلم أفلاطون عن المدينة الكاملة أو الفاضلة في كتابه “الجمهورية” ظلت الفكرة تظهر وتختفي، عن مكانٍ كامل أو شبه كامل، ليس فيه إلا العدل والرخاء وأفضل الخصال، وعلى الأرجح أنه ليس أول من أتى بها، وأنها قد نوقشت منذ بدء البشرية، وتوجد أفكار مشابهة في عدة مجتمعات.

العام 421م أتى الشاعر الصيني “تاو يوانمينغ” بحكاية ظلت تُتناقل على مر القرون إلى اليوم، في وقت سادت فيه الاضطرابات السياسية أبحر صياد سمك ذات يوم وفجأة وجد البحيرة تقذف به إلى نهر صغير محاط بأزهار الخوخ الجميلة، وانتهى به إلى كهف، دخله فوجد أناساً منعزلين، رحبوا به وضيّفوه، جلس يتأمل هذا المجتمع الجميل المليء بالسعادة الخالي من الأحزان، قالوا إنهم فروا من الاضطرابات السياسية والمشكلات المجتمعية التي عصفت بالصين آنذاك، ودّعهم واستأذن في الرحيل، قالوا له: لا تخبر قومك عنّا، فلا فائدة من ذلك. أبحر عائداً وهو يفكر مستغرباً في معنى عبارتهم، وأخبر قومه عنهم، فهبوا يريدون الهجرة إلى كهف السعادة هذه، ولم يعثروا عليه بعدها أبداً.

في نصوص الساسنكريت الهندية قبل ألف سنة تُذكر مدينة اسمها أوتاراكورو، خالية من الفساد، لا يؤذى فيها كائن، لا أحد يحتاج أن يزرع فيها لأنه على مدار السنة الأشجار تُثمر وتُزهِر بل تُفرز اللبن، يعيش أهلها آلاف السنين ويعزفون الموسيقى.

في القرن السابع عشر يطير “سيرانو دي برغيراك” وهو بطل مسرحية للأديب الفرنسي “روستاند” إلى القمر باستخدام مركبة صاروخية (قبل اختراع الصواريخ)، ويكتشف أنه مأهول وأنه كالجنة: عيون عذبة، حب، سعادة، خلود، ولديهم بندقيات تصوبها على الصيد فتطبخه فوراً.

قبل ميلاد عيسى بقرن كان هناك تاجر يوناني اسمه جامبولوس، استكشف مواهبه الأدبية وكتب أسطورة شهيرة اسمها جُزر الشمس، أرخبيل من 7 جزر تقع جنوب الحبشة، أهلها يتكلمون عدة لغات، أوتوا بسطة في الخَلق، أمراضهم نادرة، عظامهم تنثني، لو أصيبوا فهناك دابة على الجزيرة تشفيهم.

هناك الكثير جداً غير هذه التصورات للمدينة الفاضلة، لو أنها موجودة فعلاً اليوم فكيف تتخيلها؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *