الأمريكي جيمس جونز عالم نفس اجتماعي، وهو أسود، في أميركا هناك فرق بين البيض والسود من ناحية النظر للوقت، البيض يقدسون الساعة ويحرصون على الالتزام بالوقت، أما السود فلديهم مصطلح يلخص نظرتهم: CPT، اختصار لعبارة توقيت الأناس الملونين أي السود، فليست حياتهم تتعلق بالساعة بل لا بأس من التأخر على المواعيد والاستمتاع ببعض الحرية، لما ذهب جيمس إلى ترينيداد – وهي دويلة مكونة من جزيرتين في البحر الكاريبي – حتى هو تفاجأ: أهل المنطقة متراخون مع الوقت لدرجة أنه صار كأنه مُلك شخصي لكل مواطن، الترينيدادي يغدو ويروح كما يحلو له، يغيب عن العمل حتى من دون سبب، يكفي أن يقول: “لم أذهب لأنه ما كان لي مزاج”، الأحداث – أياً كانت – تبدأ إذا أتى الناس وتنتهي إذا انفضوا، لا لأن الساعة صارت 8 أو 4.
والتفاوت شاسع بين الأمم في النظر للوقت، فنحن أفضل بكثير من الترينيداديين، لكننا أقل التزاماً من الألمانيين واليابانيين والذين يقدسون الوقت تقديساً، حيث إن تأخر بضع دقائق يُعتبر كلطمة على وجه صاحبك، كأنك تأخرت شهراً. وطبيعة الحياة مما يفرض على الأمم سلوكها مع الوقت، وخذ أهل بوروندي في إفريقيا مثالاً، فقرابة 80 % منهم مزارعون، فصارت هذه الحرفة تحكم تنظيم وقتهم، تحديداً، البقر.
البقر عماد الحياة والاقتصاد؛ لذا صارت المواسم كأنها ساعة كبيرة. إذا أردت لقاء صديقك صباح اليوم التالي فلا تقل إنك ستلتقيه الساعة الـ10 صباحاً، بل تقول: أراك غداً إذا انطلقت البقر ترعى، هذا يمكن أن يكون الساعة 8 أو 10 أو 12، أو تواعده قائلاً: أراك وقت شرب الأبقار من الينبوع، حينها لا يهم أن تصل مبكراً أو متأخراً، فالوقت متراخٍ متمدد، سواء الساعة الثانية أو الرابعة أو السادسة، كلها سواء.
نعم، تتفاوت الأمم في نظرتها للوقت، فعند البورندي فإن شرب بقرته من النهر كأن تُخرج أنت جوالك لتعرف الساعة!.