كنت في مطعم وأتى إلى مسامعي صوت 3 أشخاص يتحادثون بالإنجليزية بصوتٍ عالٍ، ظننتهم من أهل الغرب، لكن لما قاموا ورأيتهم وإذا بهم من بني جلدتنا!
لا تملك إلا أن تزدري من يفعل ذلك، فقد كان كل كلامهم بغير لغتهم بلا سبب، نوع من الانهزام والخنوع، وليتهم عرفوا قوة العربية، فهي لغة مدهشة في مرونتها وقدراتها، ومما يميزها عن الإنجليزية وكثير من اللغات الأخرى الجذور، وتستطيع المقارنة بين اللغتين هنا، ولنأخذ الجذر ع ل م مثالاً. من هذا الجذر تستطيع أن تصنع اشتقاقات كثيرة، ولا تحتاج أن تغيّر الكلمة كلها لتقصد معنىً قريباً، لكن ماذا يحصل في اللغة الإنجليزية؟ كلمات مختلفة. إذا أردتَ أن تقول عَلَم فتستخدم كلمة flag، وكلمة عِلْم knowledge، عَلَّمَ taught، تعليم education، علامة sign، معلومات information، عَلِمَ knew، عالَم world، عالمياً globally، استعلم inquired، مُعلِّم teacher، تعليمات instructions، عولمة globalization، معالم landmarks، علوم sciences، وهلم جرا.
مثال آخر، الجذر ك ت ب، فالفعل كَتَبَ wrote، كتاب book، مكتب desk، كتيبة battalion، مكتبة library، مكتب (بمعنى مكان العمل) office، واستكتبَ (أي طلب من أحدهم أن يكتب له) asked to write، وكُتيِّب pamphlet.
تأمل المشقة العقلية التي يتطلبها ذلك! في العربية من ثلاثة أحرف تستطيع توليد طاقة لغوية ضخمة، اشتقاقات كثيرة تفي بأي معنى تريده، أما في الإنجليزية فعليك أن تحفظ كلمات ليس بينها أدنى رابط رغم أن معانيها متقاربة في الكثير من الأحيان، وإذا أردت الاشتقاق بعدها لم يكن لديك نفس المرونة ولا قريب منها.