كتاب Struggling to Surrender للعالم الأمريكي جيفري لانغ Jeffrey Lang كتاب ممتاز ويستحق الدراسة. بروفيسور رياضيات كان نصرانيا ثم ملحدا ثم أسلم، ويكتب ليشرح تجربة المسلم الأمريكي وإشكالات تواجه معتنقي الإسلام الغربيين، ويرد عليها ويبينها للمسلمين الجدد. من النقاط التي كتبها جيفري:
– النصوص الدينية: يتحمس المسلمون عندما يدعون للإسلام في بيان أن الكتاب المقدس مليء بالتناقضات عكس القرآن، وهذا صحيح، لكن في الغرب ليست نقطة هامة، ويقرون أن كتابهم فيه مثل ذلك ولا يؤثر على قدسيته لهم، وإنما ما يهم الغربي هو التجربة الشخصية للدين وتأثيره على حياته، لا صحة الكتب وكمالها أو تناقضها.
– العلم: أول كلمة نزلت: إقرأ. في نفس السورة: الذي علم بالقلم. وهناك سورة اسمها القلم. إنها قدرة الإنسان الفريدة على نقل العلم والأفكار من جيل لجيل ومن حضارة لأخرى وبين مناطق جغرافية مختلفة. كل شخص يشترك في عملية نقل العلم بشكل أو بآخر، لذا يقول الله: علّم الإنسان ما لم يعلم.
– تحدي المسلم الغربي: عندما أتى الإسلام نقل العرب من التقليدية إلى الفردية، من الاندفاعية إلى الانضباط، من الغيبيات والمعجزات إلى العلم، من البديهة إلى المنطقية. ولكن المسلم الغربي في وضع مختلف. نظرية التطور وعلم النفس تفسر للغربيين الحياة والأخلاقيات فيرون أنه لا حاجة للدين لهذه الأشياء، لذلك فالغربي عندما يسلم فإنه يجد نفسه في رحلة معاكسة تماما لتلك التي سلكها المسلمون الأوائل العرب: الغربي يجب أن ينتقل إلى الغيبيات، إلى التقليدية، إلخ.
– الحديث: يقول جيفري أن كتب الحديث قد تصنع إشكالا للمسلم الغربي الجديد، عكس القرآن الذي لا خلاف عليه، فالأحاديث فيها الموضوع والضعيف وفيها الصحيح، والعدد ضخم، لذلك كتب الحديث محيرة للكثير منهم، مما يجعل بعضهم يقبل القرآن فقط، ويضع المؤلف جزءا يناقش فيه هذه المسألة ويسهّل التوفيق بين القرآن والحديث.
– الأمة: الأمة عنصر جديد وشيق للمسلم الغربي، شعور للانتماء للأمة الإسلامية، فالغربي والأمريكي خاصة يعيش الفردية الشرسة والتي تُشعِر بوحدة خانقة بل تدفع الكثيرين للاكتئاب والانتحار. كان جيفري جزءا بغير رغبته من مضاربات عنيفة في صباه بين السود والبيض في الحي الذي عاش فيه والتي استخدموا فيها المسدسات أحيانا. لم يبدُ أن هناك أي أمل للتوافق بين السود والبيض في مجتمعه. لكنه لما أسلم صافح ذات مرة إماما وخطيبا أسودا اسمه عبدالعليم، رجل فصيح مهيب طويل كان قد سُجِن في شبابه، وشعر جيفري بأول مرة بمشاعر دافئة من الحب والتعاطف. قال له الإمام عبدالعليم: “إن الناس لا يدركون القوة الهائلة للإسلام. انظر لرجل أبيض مثلك وأسود مثلي، جالسين معا بإخاء، بينما قبل ١٠ سنوات كنا نقتل بعضنا بعضا”. أيضاً يذكر جيفري أنه كان صائما في يوم حار وقد أنهكه العطش، مرت سيارة بجانبه فصاح به الراكب: كيف صيامك يا جيفري؟ قال: لا بأس، أنا متحمل. حينها ابتعدت السيارة وقد أخرج الراكب يده معطيا جيفري علامة ok بالإبهام كتشجيع، وقال جيفري أن هذا أعطاه شحنة طاقة قوّت عزيمته على الصوم، وأدرك أن هناك مئات الملايين حول العالم ممن يشاركونه شعور المشقة، لا سيما أن الشمس تغرب الساعة ٩ ليلا في مدينته.
– المرأة: يقول جيفري أن أكبر عائق أمام قبول الإسلام في الغرب هو قضية المرأة. المرأة في الغرب لها وضع معين يختلف عن وضعها في الشرق. بعض المسلمين يطبق أكثر الآراء الإسلامية تشددا مما يعسّر على الغربيين المسلمين الحياة اليومية وينعزلون عن المجتمع الغربي ويصنع إشكالات. امرأة أسلمت وذهبت مبتهجة للمركز الإسلامي لتعيش جو الإسلام مع أبناء دينها الجديد من صلاة وذكر وحوارات، وفوجئت أن الرجال تجاهلوها تماما، ولما أقبلت على بعضهم لتكلمهم أشاحوا عنها، فخرجت متألمة وعزمت ألا تعود أبدا. هذا عادي ومتوقع في البلاد العربية لكنه يعتبر وقحا في المجتمع الغربي، وهؤلاء أساءوا من حيث لا يشعرون إلى المسلمة الجديدة بسبب عدم فهمهم للفروق في العلاقات بين الجنسين بين الغرب والشرق. في ندوة في مركز إسلامي آخر استاءت الفتيات من كونهن معزولات في الخلف، فأخذت مسلمة جديدة الميكروفون وسألت مدير الحوار: لماذا نحن هكذا؟ نشعر بالتهميش والتحقير! تلعثم الرجل ولم يعرف ما يقول. يقول جيفري: يجب على علماء الإسلام أن يحلوا مثل هذه الأسئلة بما لا يتعارض مع الشرع.
التقييم: كتاب ممتاز، مفيد وممتع ويستحسن قراءته لكل من يرغب أن يفهم تجربة اعتناق الإسلام في الغرب والصعوبات التي يشعر بها المسلمون الجدد هناك.