تفاجأ المسعفون في الحرب العالمية الأولى لما أعطوا الجرحى أدوية وهمية ورأوا أنها تزيل آلامهم!
ظنوا أن هناك خطأً في تشخيصهم أو فهمهم، لكن أعطوا المزيد من المصابين أدوية وهمية وكانت النتيجة أن الدواء الوهمي…فعال.
هذا من ألغاز المخ، فهو لا يفرِّق بين الواقع وبين الخيال، وهذه يدركها من يشاهد فلماً مخيفاً، فرغم أنه يعرف أنه خيالي إلا أن العقل يصدق رغم هذا ويتفاعل، تزداد ضربات القلب ويجف الفم ويزداد التوتر. وكما أن المخ يصدق الدواء الوهمي فهو أيضاً يصدق المرض الوهمي، فلو أُعطي المرء قرص دواء وقيل له إنه يحوي مادة ضارة فإن الجسم يضعف مع تناول الحبة ويظهر الألم عليه.
سلاح ذو حدين، فإذا أسأت استخدامه أضرك وإن أحسنت نفعك، وهذا أيضاً ينطبق على خاصية أخرى للمخ وهي أنه لا يُكذِّب شيئاً إلا بعد أن يصدقه أولاً.
طبّق العالِم “ويليام بوسل” من جامعة هارفارد تجربة علمية باستخدام جهاز الرنين المغناطيسي الوظيفي على أدمغة متطوعين ولخّص لنا إحدى نتائج التجربة فقال: «إن عقولنا مبرمجة أولاً أن تفهم.. ثم تؤمن.. ثم تكذّب. بما أن التكذيب يتطلب جهداً عقلياً أكبر فإننا نحصل على الآثار الفسيولوجية أولاً». ومعنى ذلك الجزء الأخير أنك لو حصل لك شيء سيئ – مثلاً زل لسانك أثناء الإلقاء أو أخطأت أثناء التقديم – فإنك لو قلت لنفسك بسرعة: «هذا شيء جيد!» فإن عقلك سيصدق هذا فوراً وستدفن القلق والاضطراب بسرعة، ولو عادا من جديد فسيكون التأثير أقل بكثير.
هذه من طرق إحسان استخدام هذا السلاح العقلي، أما إساءته فنأخذ الدعايات لها مثالاً، أسوأ وقت تشاهد أو تقرأ فيه دعايات هو عندما تكون مرهقاً ذهنياً، ووجد العِلم أدلة تثبت أنك في هذه الحالة ستصدق الدعاية ولن تقدر أن تولّد طاقة ذهنية كافية لأن تعارض مزاعمها.
أدوات العقل يمكن أن تنفع أو تضر، حسب استخدامك!