الخصال الطيبة يمكن أن تتحول لسيئة، وهذه نراها في عصرنا الذي امتلأ بالسمنة والأمراض، فعندما تريد إنقاص وزنك وتتبع حمية ترى المغريات هنا وهناك، وستكبح هواك إذا رأيتها، لكن ماذا تفعل لو كنتَ عند معارف أو في مناسبة وأتى طعام؟ موقف محرج. إذا أخبرت القريب أو الصديق أنك تتبع حمية فالمفترض أن يتفهّم، لكن الكثير لا يُقدّر هذا، ويلح عليك أن تأكل “هذه المرة فقط”، أو يقول: “لقمة لن تضرك”. بلى، ستضرك! لقمة واحدة قد تَتبعها أخرى ثم ثالثة، ثم وأنت عائد للمنزل تمر بمطعم وتقول “خربانة خربانة!”، مفعول التداعي، كقطع الدومينو، تسقط واحدة على أخرى ثم أخرى وهكذا.
هنا.. تنقلب الخصلة الحسنة سيئة. هذه المواقف نرى فيها سوء فهم الناس للكرم والبر، فأنت تحاول أن تكون كريماً إذا أصررت أن يأكل فلان، لكن صحته أهم، فلِمَ الإصرار أن يأكل وهو يرغب أن يكون أنحف وأكثر صحة؟ ليس هذا كرماً فعلاً بل إضراراً.
مواقف أخرى يتصرف فيها الناس بحسن خلقهم وبِرِّهم لكنها تضر، وخذ هذا المثال: تخيل أن الوالد (أو الوالدة\الجدة\إلخ) احتاج شيئاً مثل كوب ماء أو كتاب أو جوال وأراد القيام ليمشي له، ماذا تفعل؟ لو كنتَ مثل معظم الناس فستطلب منه أن يجلس وتقول: “دعني أنا أحضر لك ما تريد”، وإذا أصرَّ فربما تحلف وتقول: “حلفت بالله ما تقوم!”. ورغم أن هذا من البر إلا أنه يضرهم، فالجلوس ضار بالجسم، بل شديد الضرر، وهو فعلاً وباء في عصرنا ويسبب أمراضاً منها ضعف العضلات والعظام والسمنة، لدرجة أن دراسة وجدت أن من يجلسون ساعات طويلة كل يوم أقرب لسرطان الرئة من غيرهم حتى لو لم يدخنوا! أمراض القلب والسكري (والكثير غيرهما) مرتبطة بكثرة الجلوس، وقد وجدت دراسات أنه كلما زادت ساعات الجلوس زادت احتمالات الوفاة المبكرة.
ضع هذه الأمور في الاعتبار، ليست كل عادة اجتماعية نافعة، بعضها تضر من غير قصد.