كلمة تقال لبعض الناس عندما يتعامل مع مواقف متوترة وعاجلة بلا شعور كبير باستعجاليتها، وقد لا يكون الموقف مستعجلا لكن يرى الآخر أنه كذلك، فهنا تستقر الاستعجالية في عقل أحدهما ويخلو منها عقل الآخر، عالمان مختلفان في دماغين متطابقين شكلا.
استُخدمت الحرارة كثيرا في وصف الشؤون البشرية، والبرود غالبا سلبي، فلما وُصِف أدب الأديب بالبرود كان ذلك تهويناً من شأن أدبه، كما قال الشاعر إبراهيم حافظ وهو يمازح أحمد شوقي: يقولون إن الشوق نار ولوعة… فما بال “شوقي” أصبحَ اليوم باردًا. ورغم أنها دعابة إلا أن وصف البرود فجر براكين الغضب في نفس شوقي فيما يبدو فرد ردا جارحا لما قال: وأودعتُ إنساناً وكلباً وديعةً…فضيّعها الإنسانُ والكلبُ “حافظ”.
البرود خصلة مرغوبة في مواقف القلق، وهي صفة ممتازة للقائد، فإذا أتى موقف خوف أو تحدٍ وكان هو من القلة التي تتعامل معه ببرود كان ذلك بلسما للأعصاب والقلوب.
البرودة وُصفت بها الحرب بين أميركا والاتحاد السوفيتي، “حرب” تخدعك بإيحاء الحرارة والمعارك والنيران لكن تطفئها “الباردة”، والتي تصف علاقة عدوانية لا حربا بالمعنى المعروف.
في التراث الديني أتت البرودة بمعنى إيجابي، فكانت النار بردا وسلاما على إبراهيم، ونسأل الله أن يغسل خطايا المغفور له بالثلج والبرد، إشارة لسخونة الذنوب التي يجب أن تُطفأ بما يضادها، مثل الوضوء والغُسل، ويطفئ بعض الغضب والشهوة، سمّان أتى منهما عدد ضخم من الذنوب، وترياقهما برودة الماء.
إذن ما خلاصة القول؟ هل من الإيجابي أن تكون باردا؟ لا توجد إجابة سهلة كما ترى، بل تختلف حسب الموقف، أحيانا لا، وأحيانا لا أفضل من أن تكون باردا!