قرأت دراسة لجامعة هارفارد راقبت مئات الأشخاص على مدى فترة طويلة جدا تبلغ 75 سنة، وجدت أن علاقات المرء القوية مع الناس هي أساس نجاحه، وأن وجود أناس تقدر أن تعتمد عليهم –مثل العائلة والأصدقاء والمعارف– مما يقوي عمل المخ ويخفف الآلام النفسية والجسدية، وأن الأناس الوحيدين تنتكس صحتهم أكثر بكثير ممن لديهم علاقات طيبة مع الناس.
الدراسة نُشرت في مواضع كثيرة، منها منتدى أمريكي، وقد علّق القارئون على هذا الخبر تعليقات استوقفتني لأنها أتاها تأييد كثير من الآخرين، وتجد في التعليقات شعورا شديد الانتشار والتكرر هناك: الوحدة. تلك المجتمعات تعاني من الوحدة بشكل مهول، فتأملوا بعض تعليقاتهم:
«لا عجب إذن أن عمري 37 لكن أشعر أني 67».
«أنا لم أبلغ الثلاثين، ورغم ذلك لاحظت تَردّياً في صحتي بسبب الوحدة والاكتئاب، فأنا أعيش لوحدي، وأعمل عن بُعد، وفي السنة الأخيرة لم ألتقِ بأي إنسان إلا أقل من عدد أصابع اليد الواحدة، وهذا بدأ يأكل من صحتي بشكلٍ لم أتوقعه».
«تعلمتُ هذا بالطريقة الصعبة، وعرفتُ أن الصداقات مهمة للاحتفاظ بالعقل، فقد كنت لوحدي لما درست الجامعة، وهذا سبب لي مشكلات نفسية صعبة ما أزال أعاني منها».
«أنا أصارع القلق الاجتماعي والاكتئاب والوحدة التي شلّتني، والآن تخبرونني أنني إضافة لكل هذا سأموت أبكر من غيري؟»
«لا أحب هذه الأخبار لأني وحيد تماما، وقد رأيت مثل هذا الخبر قبل فترة قريبة وأن الإنسان يعيش أقل من غيره لو كان وحيدا، وأنا شديد الوحدة».
«إذن قد قُضِي علي! لماذا نعيش إذاً؟ من أجل أن نعاني؟»، ورد عليه أحدهم فقال: «نعم، أسأل نفسي هذا السؤال كل ليلة وأنا مُقبل على النوم، لا أدري لماذا نعيش وإلى ماذا نتطلّع، شراء بيت؟ أو شقة صغيرة لي ولكلبي؟ حسنا وماذا بعد ذلك؟ ما الهدف؟».
لكل رد مؤشر يخبرك عن عدد الأناس الذين يوافقون أو يؤيدون الرد، وكل من هذه الردود التي تشتكي الوحدة والاكتئاب وصلت إلى آلاف ومئات التأييدات، مما يخبرك أن الوباء الحقيقي هناك وفي بعض مناطق العالم هو الوحدة، ففيروس كورونا بإذن الله تعالى سينحسر، لكن ما الذي سينجي الناس من طاعون الوحدة التي فرضتها عليهم تقنيتهم ومجتمعاتهم وطريقة حياتهم؟