“الإنترنت” بدأت انتشارها في منتصف التسعينات، وتنبؤوا لها بالمزيد من الانتشار والتأثير، لكن هل توقعنا أن تؤثر كما نراها اليوم؟.. لقد زادت الناس – في الغرب خاصة – انفصالا وعزلة، وهي مجتمعات أصلا تعاني ذلك ولم تحتج رصاصة الرحمة هذه!
في السنين الماضية تخبرنا إحصائيات أن التعارف بين البشر على الإنترنت زاد بشكل مطرد، حتى الصداقات العادية التي كانت تنشأ طبيعيا، بل حتى الارتباطات العاطفية والزوجية في بعض دول الغرب قفزت إلى ثلث مستخدمي الإنترنت، ويتوقعون أن يزداد الرقم، ولذلك نزلت نسبة الناس الذين يلتقون ببعضهم عبر الأصدقاء من 33 % إلى 20 % في أميركا، وأما العلاقات الناشئة من تعارفات عائلية فنزلت إلى 7 % فقط.. الصداقة والعائلة تحتضر!
والأمر لا يقتصر على العلاقات البشرية بل حتى الأديان، فكتاب “Strange Rites” يناقش هذه الفكرة، وكيف أن أميركا تفقد أديانها الحقيقية تدريجيا، ولكن الإنسان يحتاج الدين، يحتاج شعائر ومعنى وهدفا، فما الذي أتى محلها؟ مجتمعات الإنترنت.
هل كنت تتخيل أن منتدى أو “قروب” مِحوره سلسلة أفلام Star Wars أو مسلسل Star Trek تحل محل الدين؟ هذا ما حصل فعلا لديهم، فعشاق تلك الأعمال أشبه شيء بمجتمعات دينية، لهم طقوس ومصطلحات وتقديس لما يلتفون حوله، سواء لعبة “World of Warcraft” – والتي وصلت في ذروتها إلى 12 مليون مستخدم عام 2010م – أو روايات هاري بوتر المعروفة، ترك الناس أديانهم لكنهم – بلا شعور – ملؤوا الفجوة بأشياء كهذه، يظنونها مجرد هوايات لكنها فعليا لها دور أبرز بكثير، صارت فعليا دينا، علامة شؤم.
مثل هذه الأعمال الترفيهية، وإن كانت ممتعة وفيها حِكَم لا يمكن أن تكون دينا فعليا، لكن هذا ما حصل في مجتمعات قذفت علاقاتها العائلية في البحر، وأدارت ظهرها نحو المجتمع وهمّشت الدين.. لقد أنشأت عوائل ومجتمعات وأديان أخرى وهي لا تشعر!