مرض الاكتئاب من أنواع العذاب الذي لا يفهمه إلا المصاب والمختص، وهو غير الكآبة العابرة التي تمر على كل الناس، وأحد أعراض الاكتئاب هو ما يسمى anhedonia أي فقدان الاستمتاع، فلا يصير الشخص قادراً أن يستمتع بالأنشطة والهوايات والألعاب والأشياء التي كانت مصدر متعة له.
إنها كارثة.. فالمتعة والترويح شيء أساسي للنفس، والذي حُرِمها فلا تملك إلا أن تتعاطف معه، والمفارقة أن فقدان الاهتمام والاكتراث والشعور بالمتعة أسوأ من المشاعر السلبية كالضجر والتبرم وكراهية ما يشعر به الشخص، فلو أن أحدا أخذك إلى مكان ما وقال إنك ستستمتع بالتجربة فإنه أفضل – في حالة أن المكان لم يعجبك – أن تشعر بمشاعر سلبية كالسأم والضيق وتمنّي الخروج، هذا أفضل من البرود واللامبالاة و”عادي” و”لا يهمني”، فهذه الأخيرة مرتبطة بنوعٍ من اليأس أكبر من مجرد كراهية ذاك المكان أو النشاط، بل هو أقرب للقنوط من الحياة نفسها.
السلبي الذي لا يحب أي جديد ويتسخط من كل شيء لا أحد يحب الجلوس معه، وهو شخص سائم ويستحق النبذ، لكن بعض من تراه لا يكترث بشيء ولا يتفاعل ولا يتلذذ ولا يهتم، بل يمشي حيث تحركه الحياة ويشعر بالبرود سواء كان في مكانٍ طيب (كحديقةٍ غنّاء في يومٍ جميل) أو مكانٍ سيّئ (مثل بيئة عمل سلبية)، هذا الشخص قد يكون لامباليا عاديا وهكذا طبعه، ولكن قد يكون العكس، يرغب أن يهتم ولا يقدر، يحتاج التفهم والتعاطف، كأنه نداء صامت من نفسٍ فقدت القدرة على الاستمتاع بالحياة.