كنتُ أمشي ورأيت شابا مع صديقه يرفع الجوال ليصور نفسه وصديقه صورة “سلفي”، لكن كانت أمامه فتاة تركب سيارة ورمقته بنظرة متضايقة ظانة أنه يصورها، لا أدري إن كان يدري أو لا، ولكن العبرة ليست بنيته، بل بفعله، فقد أوحى بخلاف ما كان يريد.
حتى عندما تفعل الأشياء بأحسن نية فلن تنفعك أمام الناس لو كان الظاهر يوحي بغير ذلك، وهذا المبدأ تراه حتى في الدين، لما رفض الرسول – صلى الله عليه وسلم – قتل شرير خبيث وهو المنافق عبدالله بن أبي، ولما سأله الصحابة قال: إن الناس سيتحدثون أن محمدا يقتل أصحابه، وطبعا الصحابة لن يشكوا أبدا في نيته، ولكن الأناس الأبعد وربما الذين أسلموا حديثا كانوا سيفهمون خطأ، ويحكمون على الظاهر.
تخيل أنك تعتاد أن تحمل مناديل زرقاء، فإذا كنتَ مدعوا في بيت أحدهم ورأيت مناديل زرقاء مرمية على أرضهم فيجب عليك التوضيح أنها ليست لك، فنيتك لا تكفي، صحيح أنك لم ترمها، وربما أطفال صاحب البيت رموها، ولكن الناس يحكمون على الظاهر، والظاهر هنا أنك شخص لا يستحق أن يُدعى! يبدو هذا بدهياً لكن هناك من الناس من لا يكترث، ويقول: “لا يهمني، أنا أعرف أني لم أرمها”، ويعتقد أن الناس سيعذرونه فقط لأنه فعلا لم يفعل ذلك، لكن لا، فسيحكمون بالظاهر كما يفعل كل البشر.
بعض الكلمات تكتب بشكل يوحي أنها كلمة أخرى إما عمدا أو خطأ، وهناك محل ملابس بريطاني معروف يضع أول 4 أحرف من اسمه الكامل بشكل يوحي أنها كلمة بذيئة، وفي اللغة الإنجليزية فإن بعثرة الحروف مع الإبقاء على أول وآخر حرف في أماكنها تجعل العقل يقرأ الكلمة بشكل سليم رغم ذلك، فمثلا عقلك سيقرأ TBLAE على أنها TABLE، ولا أدري إن كانوا تعمدوا ذلك أم لا، لكن المبدأ نفسه يظل صحيحاً هنا.
والمبدأ هو: احرص قدر الاستطاعة أن يتوافق ظاهر فعلك مع نيتك، فلو تخالفا فالنية وحدها لن تشفع لك عند الآخرين.