العنوان مبدأ فيزيائي معروف، بالإنجليزية inertia، ويعني أن الجسم يبقى في حالته إلا إذا أثّرت عليه قوة خارجية، وبما أنني من الذين احترقوا بلهيب المناهج العلمية الجافة كالأحياء والفيزياء، فإنني إذا مرت علي مثل هذه المصطلحات نالني بعض الضيق وذكريات معاناة دراسية، لكن ليس في هذه الحالة، فهذا المبدأ ملائم وينطبق على أحوال حياتنا، ليس بشكل فيزيائي فحسب بل في الكثير من الأوجه.
من أوجه القصور الذاتي: تتوقف السيارة فجأة فيندفع جسمك للأمام، يصعد المصعد فتشعر أنك اتجهت للأسفل بوزنك، وما إلى ذلك من ظواهر.
هذه مشاهد معروفة، لكن للقصور الذاتي حضور في كثير من الأمور، فمثلاً انظر إلى مدير لا نصيب له من الكفاءة في إحدى المنظمات، كيف تستمر الشركة أو المصلحة في العمل رغم أن قائدها ضعيف القدرات والإدارة؟ السبب هو القصور الذاتي، لأن المنظمة تدفعها القوة السابقة، وما تزال في مرحلة الاندفاع، فهي تظل تعمل ليس بسبب القائد، بل رغم وجوده. إنها مثلك لو أنك غمست نفسك بالكامل في زيت ثم جلست على أرض كبيرة مصنوعة من زجاج أملس، ثم جاء صديقك ودفعك، أنت تنطلق للأمام رغم أن صديقك توقف عن دفعك، إنه القصور الذاتي، القوة السابقة ما تزال تعمل، حتى يأتي وقت تتوقف فيه، المركبة الفضائية بعد أن تغادر الغلاف الجوي تعتمد على القصور الذاتي لكي تسبح في الفضاء، وكذلك الأقمار الصناعية، حيث يتعاضد القصور الذاتي مع الجاذبية.
بعض ظواهر الحياة إذا حيّرتك، ربما يكون تفسيرها…القصور الذاتي!