هل بدأت تشعر بفجوة سوداء داخلك؟
أن الحياة مملة وخالية من أي معنى أو غاية؟ أن الأشياء التي كنت تستمتع بها صارت باهتةً غير ممتعة؟
ربما تنظر لحياتك وترى فيها عناصر كثيرةً جيدةً، وأموراً يتمناها الكثيرون، لكن مع ذلك لست راضياً، وربما هذه الفكرة تزيدك سوءاً، فإذا اشتكيت لأحد قريب من ضيقة صدرك، يحاول أن يكحّل فيعمي، فيقول: «احمد ربك على ما لديك من نعم، هناك أناس لديهم مصائب وعاهات ومشكلات، وأنت تشتكي رغم أن حياتك مليئة بالنعم؟!» وهكذا يُشعرك أن ما تعاني منه تافه، وهكذا صرتَ تشعر بالذنب فزادك غماً على غمك.
إنه الاكتئاب، سرطان الروح، المتع تتلاشى، الهمة تتفتت، اليأس يجتاح، النوم يضطرب، الطاقة تنضب، الأكل إما إفراط أو تجويع، احتقار للنفس، صعوبة التركيز واتخاذ أبسط قرار، أفكار مستمرة عن الانتحار، داء بل أدواء جسدية لا تعرف سببها مثل الصداع وألم الظهر.
هل هذه أعراض مألوفة؟ لست وحدك، أكثر من ربع مليار إنسان حول العالم يعانون الاكتئاب depression، ومما يفاجئ الناس هو اعتقادهم أن الشعور ظهر فجأة وبلا سبب، وهو ليس كذلك، بل يظهر ببطء شديد، عندما كنت في أيام عادية قبل سنين كانت بذوره قد زُرِعَت، وتنمو حتى تتحول من حشيشة صغيرة مزعجة إلى شجرة زقوم عملاقة تقذف أشواك العذاب النارية في روحك.
ربما تتساءل: لماذا؟ كيف أتاني هذا؟ ويختلف السبب من شخص لآخر، ربما هرمونات، ربما وراثي (دماغ المكتئب مختلف)، أو صدمة بالغة، أو حدث كبير (ولادة)، لا سبب واضح موحد، وكثيراً ما يكون السبب ترابطاً معقداً بين عدة أسباب متشابكة.
لا تشعر بالذنب من اكتئابك، بل تستحق ميداليات ونياشين؛ لأنك فعلياً محارب في معركة ضارية ضد عدوٍ متوحش، والأهم من ذلك ألا تتفاجأ أنه حلّ ببابك فجأة بلا أسباب، فهو يأتي بطيئاً، ولا يأتي إلا بسبب سواء عرفته أم لم تعرفه.