وجوه بلا ملامح

فيلم Terminator 2 من أفضل أعمال الخيال العلمي التي يمكن أن تراها، قصته أن “سكاي نت SkyNet” وهو اسم شبكة الذكاء الصناعي وصل لمرحلة الوعي من شدة تقدمه، وقرر أن يقضي على البشر لأنهم الخطر الأكبر عليه، لكن المقاومة البشرية ناضلت بقوة، فأرسل سكاي نت إنساناً آلياً إلى الماضي ليقتل قائد المقاومة في طفولته، وهذا الروبوت القاتل فائق التطور يسمى T-1000، مصنوع من معدن سائل ذكي يتشكل بأي شيء يلمسه، يلمس حارس الأمن فيصبح نسخة طبق الأصل منه ولا يشك فيه أحد، لكن أسفل هذه التشكلات الكثيرة هناك كتلة من المعدن عديم الملامح، كأنه كومة زئبق شبه بشري الملامح.

هذه الكتلة تذكرني بالكثير من الناس، ليس في أشكالهم بل في شخصياتهم التي لا ملامح واضحة راسخة لها، مجرد جيلي يتشكل حسب ما يلصق به نفسه من أشياء يتابعها، مثل مدمن كرة القدم، فبعض من يدمن متابعتها لا اهتمامات حقيقية أخرى لديه، لا يقرأ ولا يرسم ولا يُعلّم ولا ينمو، مهووس بمشاهدتها وأخبارها وتحليلاتها، مثل دينٍ آخر له، يلعن الحكم المتحيز والظروف الجوية والمدرب الجديد والفريق المنافس وكل شيء أو شخص يسيء لفريقه، ولو كانت الرياح القوية. سيارته يلصق عليها شعارهم، أو يعلق قطعة قماش على مرآته تمثل ألوانهم، هذه هويته، تلك شخصيته، هذا ما يفتخر به، لا يوجد أي وجه آخر له، لو عشت معه لا تسمع منه غير هذا الموضوع، وربما يعتقد أنه مميز لأنه متحمس مخلص للفريق، ولكن يوجد مثله الملايين ممن يشاركونه تشجيع الفريق نفسه أو فرق أخرى، نسخ لا اختلافات فعلية بينها.

كل من يتمسك بشيء واحد شائع بين الكثيرين، ويجعله هويته الوحيدة التي يذوب فيها صار مثل هؤلاء، هُلامٌ عديم الملامح من دون هوية جوهرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *