في عام 2007م ظهرت جيني مكارثي في الإعلام الأميركي لتحكي عن إصابة ابنها بمرض التوحد، لكن الذي صنع الدهشة هو أنها لامت اللقاحات المعروفة مثل لقاح شلل الأطفال والدفتريا والتيتانوس والسل.. إلخ، اتهمتها بالمسؤولية عن إصابة ابنها وعن مرض التوحد عموما. قبل ظهورها في الإعلام كانت تلك النظرية الخاطئة مجهولة، مجرد حماقة غير علمية يتفوه بها المعتوهون، لكن الآن اكتسبت مصداقية وشجعت بقية المعتوهين أن ينفجروا بتلك الخرافات في السوشل ميديا.
المضحك المبكي أن جيني ليست طبيبة ولا عالمة ولم تدرس أي شيء له أدنى علاقة بالطب، بل هي عارضة وفتاة إغراء، وهكذا اشتهرت امرأة لم تُعرَف إلا لجسدها بالموثوقية العلمية، وظهرت إزاء خبراء الطب في البرامج ونوقش كلامها وفُنِّد ونُقل وأُصغي إليه واعتُرِض عليه و و و، فقط لشهرتها.
خمر الشهرة تُسكِر، هذه ظاهرة ليست خاصة بالأمريكان، بل أي شخص ستبدر منه ردة فعل عندما يقابل مشهورا، لكن المشكلة إذا زادت عن حدها أو أضرت، مثل هذه الموجة من المعاداة للّقاحات والتي صارت كارثية الآن بعد ظهور فيروس كورونا، فاللقاحات هي التي أزالت بعض أشنع الأوبئة والأمراض من كوكبنا، مثل شلل الأطفال والسعال الديكي والنكاف والحصبة وطبعاً أبشع وباء عرفته البشرية والقاتل الأول بلا منازع وهو الجدري، ولو كان هناك آنذاك تيارات حمقاء كهذه التي نعاني منها اليوم لظلت تلك الأوبئة تُبيد وتشوّه.
خمر الشهرة هي السبب أن المشاهير باستمرار يظهرون في دعايات لمنتجات لا علاقة لهم بها، المعلنون يدفعون مبالغ خيالية لمايكل جاكسون أو رونالدو ليشرب غازياً أو جينيفر أنيستون لشركة طيران أو جورج فورمان لآلة شوي، لأن مجرد ظهور المشهور بجانب السلعة يؤثر عليك ويكاد يسلبك عقلك ويحثك على شرائها لاشعوريا، وهنا ننعي إليك مالك، ولكن المصيبة لو تأثر الشخص بهم في جهلهم واستهانتهم بفيروس قتل أكثر من 4 ملايين إنسان حتى الآن، فهذا ننعي إليه نفسه.