الفكرة: كيف تصل إلى أقصى مهاراتك وقدراتك الاحترافية في عدة مجالات بشكل مدروس ومجرب علميا.
لمحات: شاعت فكرة في السنين الأخيرة خاصة بعد أن ذكرها الكاتب الشهير “مالكوم غلادويل” في كتبه، وهي: لكي تتقن شيئا فعليك أن تمارسه ما لا يقل عن 10 آلاف ساعة. هذه صحيحة إلى درجةٍ ما، وقد أخذها من أبحاث البروفسور “أندرس إريكسون” الذي تخصص في دراسة أداء المحترفين وتحليل أسباب وصولهم لهذه المستويات العالية، وقد نشرها إريكسون بشكل مبعثر في النشرات العلمية لكنه أخيرا لحسن الحظ جمعها في هذا الكتاب النفيس.
الكتب التي تزعم أنها ستحرر قدراتك الكامنة لا حصر لها، لكن أخيرا أتى كتاب من عالم قضى عشرات السنين يدرس الموضوع، يقابل محترفي الشطرنج والموسيقى وحفظ سلاسل طويلة جدا من الأرقام منهم رجل اسمه ستيف سننظر إليه كمثال، يقضي معهم أوقات طويلة يحلل عاداتهم وأساليبهم، واستخلص لنا هذه المعلومات الثمينة بحق، منها:
الطريق الذي عليك أن تسلكه لتحترف وتتقن ما تريد هو مبدأ يسمى التدريب الهادف Purposeful practice، ويتكون من 4 أجزاء:
- هدف محدد واضح: في حالة ستيف فإن الهدف: حفظ أرقام أكثر. الناس لا يحفظون عادة أكثر من 7 أرقام متسلسلة لكن ستيف انتقل من شخص عادي مثلنا إلى شخص يحفظ 82 رقم! لا قدرات خاصة لديه ولا سابق تمرين، كيف؟ بالتمرين الهادف.
- التركيز أثناء التدريب.
- المدرب يحثه باستمرار على أن ينجز أكثر. عندما وصل لأن يحفظ 32 رقم فرح ستيف ورأى أن هذا قمة إنجازه، لكن مدربه حثه أن يحاول كسر الرقم باستمرار.
- إفادة بالملاحظات (feedback): يجب أن تحصل على إفادة بالرأي من الخبير الذي يدربك، هكذا ستعرف إن كان طريقك صحيحا أم يحتاج التقويم، الملاحظة يجب أن تكون فورية بعد كل محاولة وأن تكون واضحة وتخبرك عن نقاط محددة يمكنك أن تعزلها وتركز على تحسين نفسك فيها.
المشكلة أن هذا لا يمكن تطبيقه في كل المجالات، بل يجب أن يكون المجال ناضج التأسيس بحيث يمكن قياس الفرق بين المحترف وغير المحترف، إذا لم يكن القياس وتحديد نقاط الضعف فلا يمكن أن يصل التدريب الهادف إلى درجات عالية بل سيكون محدودا، وثانيا يجب وجود مدرب خبير يعلمك على مبادئ العلم أو الفن الذي تريد إتقانه ويعطيك الملاحظات عند أدائك.
مما اكتشفه إريكسون أن ليس هناك موهبة يولد بها المرء وتميزه عن غيره، فأعظم الإنجازات تأتي دائما من آلاف الساعات من التدريب. موزارت مثلا دائما يقال أنه نابغة منذ صغره، ورغم أن لديه موهبة طبيعية نحو الموسيقى إلا أن الناس دائما يُغفِلون أنه كان يتدرب منذ صغره على الموسيقى بلا انقطاع، دربه أبوه منذ قبل أن يبلغ الرابعة، ولم يبدأ تأليف الموسيقى إلا في مراهقته عكس ما يظن الناس أنه بدأ يؤلف في طفولته. لولا التدريب الصبور لما وصل إلينا ذِكره ولما أنجز كل هذا.
ماذا تفعل لو كنت تريد أن تحترف في مجالٍ ما وليس لديك مدرب؟ لن تصل لنفس قدرات من لديه مدرب لكن يعطيك الكتاب بعض التوجيهات لكي تصل لمرحلة عالية نسبيا من الاحتراف.
وأخيرا ملاحظة بالغة الأهمية ومقلقة نوعاً ما، وهي أن ممارسة الشيء فترة طويلة لا تعني الخبرة والاحتراف، بل تعني التكرار فقط! إذا لم يكن لديك هدف محدد واضح فأنت فقط تكرر ولست تتدرب. قاسوا أداء الأطباء “الخبراء” ممن لديهم 20 و 30 سنة في الطب، ووجدوا أنهم أسوأ أداء من الأطباء حديثي التخرج! لأنهم لم يطوروا أنفسهم بطريقة التدريب الهادف واكتفوا بممارسات يومية متكررة جعلت قدراتهم تتدهور بلا شعور وهم يظنون مثل مرضاهم أن جمع وتكويم السنين والعقود يكفي لاكتساب الخبرة.
التقييم: أفضل كتاب قرأته عن هذا الموضوع، أي شخص يريد تطوير نفسه في أي مجال سيجد هذا الكتاب كنزاً. أنصح به للجميع.
اين اجد الكتاب مترجم للعربيه نسخة اكترونيه او كتاب, يفضل ككتاب
لم أجده مترجما، لا أدري إن كان قد تُرجِم أم لا، لكن يجدر ترجمته لأنه من أفضل الكتب فعلا