التكرار من أفضل الطرق للتعلم، وهذا مما يفيدنا به عالم المُخ جون مدينا، ذلك أن طرق التعليم الشائعة حول العالم (خاصة عندنا العرب) والقائمة على ساعات متواصلة من الشرح والتلقين لا تجدي ولا تثمر، وإنما يخبرنا أن العلم أثبت أهمية التكرار في التعليم، لا سيما أن المعلومات التي نستقبلها لا تمكث طويلاً في أدمغتنا، وهذه معلومة قديمة مُثبتة، فمثلاً العالم هيرمان ابنغهاوس أظهرت تجاربه في القرن التاسع عشر أن أي شيء نتعلمه في الحصة فإننا ننسى منه 90 % خلال 30 يوماً، والتجارب الحديثة أكّدت هذا وأظهرت أن نسيان الدرس يبدأ خلال ساعات معدودة من نهايته. ولهذا لا يحبطك أنك أحياناً تتعلم شيئاً وتتقنه وتحفظه وتعرف تفاصيله عن ظهر قلب، وما هي إلا فترة – تطول أو تقصر – حتى تنساه وتجهَله كأنه لم يمر عليك من قبل، فهذا طبيعي إذا كانت تجربتك معه قصيرة الوقت ومحدودة العدد.
وهذا ما أخذه العالم مدينا في الحسبان، ولهذا اقترحَ نظاماً تعليمياً يعتمد على العِلم المجرَّب، فيقول: بدلاً من الدرس الفلاني لمدة 50 دقيقة ثم الدرس الذي يليه لنفس الفترة فإن الطريقة الأمثل في المدارس والجامعات والمعاهد هي أن يُشرَح الدرس لمدة 25 دقيقة وبعدها بتسعين دقيقة يُشرح مرة أخرى، ثم بعدها بتسعين دقيقة يُشرح المرة الأخيرة، لا أكثر من 3 في اليوم. هذا سيُرسِّخ المعلومات بقوة فائقة، بعدها بثلاثة أيام يضع المدرس حصة للمراجعة هدفها التذكير بالمعلومات باختصار. من حسنات هذا النظام أنه سيلغي الواجبات الدراسية التي مهمتها أصلاً ترسيخ المعلومات، فلا فائدة لها الآن بعد أن رسخت المعلومات.
هذه ليست خاصة بالدراسة أو التلاميذ فقط، وإنما تستطيع تطبيق هذا على أي شيء تريد أن تتعلمه، سواء دورة أو دبلوم أو أي شيء تريد أن يرسخ في عقلك، فالتكرار مهم في التعلّم، طالما كان بهذه الطريقة العلمية المنظمة، لا التكرار الكثير الممل الذي سيضر المتعلم ولن ينفعه!