في آخر أيام حرب الثلاثين سنة الأوروبية، التي بدأت العام 1618م، كان جيش السويد يحاصر مدينة كيسينجن الألمانية، فلما استنفد المحاصَرون حيلهم لم يجدوا إلا شيئاً واحدا، فألقوه من جدران الحصن، والتفت السويديون إلى الأعلى ظانين أنها أكياس أو أحجار كروية الشكل، لكن كانت خلايا نحل! الجنود مدربون على التصدي للسيوف والرماح والنبال، ولديهم أتراس وأدراع، لكن من سيحميهم من هذا السلاح الجديد؟ ما إن أدركوا ما يحصل وسمعوا الطنين المعروف حتى تقافزوا فزعين، وفرحت كيسينجن بفك الحصار.
لم تكن أول مرة يُستخدم فيها النحل سلاحا، بل فعل ذلك الرومان، فعبأوا المجانق بالخلايا وقذفوها. ريتشارد الملقب بقلب الأسد استخدمها ضدنا في الحروب الصليبية، وأمم أخرى قلدت، بل حتى حروب الماء رأت النحل يهاجم، ففي إحدى المعارك في البحر الأبيض المتوسط كانت السفن الكبيرة تهاجم الصغيرة وتكاد تنتصر، حتى تسلق بعض الجنود وألقوا خلايا نحل على السفن الكبيرة فاشتعل النحل الغاضب لسعاً، وارتاع الجند من هذا السلاح الغريب، فاضطربوا وفشلت هجمتهم. لما كانت أمريكا تُبيد الناس في أرياف فيتنام بأسلحتها المتطورة، لجأ الفيتناميون إلى النحل ليدافعوا عن أنفسهم ضد الهجمات الوحشية، واستخدموا النحل الآسيوي وهو أشرس من الغربي.
إلا أن النحل لا يستحق سمعته هذه، فهل تعرف أن النحلة من أرق الكائنات وأكثرها مسالمة؟ إنها لا تلسع إلا دفاعاً، ولا تهاجم بلا سبب. يقول أحد مربي النحل: عندما ترى نحلة على ذراعك فالغالبية العظمى من الحالات أنها تستريح قليلاً، لا أكثر.
لذلك لا تصوبها على عدوك وتقذفها عليه، فهي مسالمة بطبيعتها إلا لو لو جنّدها البشر إجبارياً!