بوتش أوهير. هل سمعت به؟ لا. حتى في أميركا بلده لا يعرفه كثيرون اليوم، لكن في الحرب العالمية الثانية كان بوتش بطلًا شهيرًا، اسمه على كل لسان. اشتهر ببراعته، فهو طيار حربي وقت تلك الحرب الضخمة، ومن أشهر ما فعل أنه في فبراير من عام 1942م كان يحلّق، ورأى سرب طائرات يابانية نوت الهجوم على سفينة أميركية مهمة اسمها لكسينغتون قريبًا من جزيرة غينيا الجديدة، فانغمس فيهم بشكل انتحاري، وأسقط وحده ست طائرات، ما أنقذ السفينة والآلاف على متنها، وحصل على ميدالية الشرف، وهي أعلى تشريف ممكن. قُتِل بوتش في السنة التالية، وكُرِّم بأن سُمّي مطار مدينته شيكاغو على اسمه، مطار أوهير، لكن لم تنتهِ القصة هنا، بل لم تبدأ.
أبوه كان محاميًا اسمه إيدي، عمل لمصلحة مافيا شيكاغو، وذلك في العشرينيات الميلادية، التي تزعمها أشهر مجرم في تاريخ أميركا، آل كابون، واكتسب إيدي من ذلك مالاً كثيرًا، لكن بعد بضع سنين لما شب ابنه خشي إيدي من تأثير علاقته بالمافيا في ابنه المراهق بوتش، خاصة أن إيدي عزم بشدة على إدخاله الأكاديمية البحرية، وأدرك أنه يجب أن يقطع علاقته بالمجرمين لئلا يحرم ابنه هذه الفرصة، فتعاون مع الشرطة الفيدرالية التي تعرف أن كابون مجرم، لكن لم تظفر بأي أدلة أو شهود (الكل خاف أن يشهد ضده)، وأعطاهم إيدي معلومات عن مخالفات كابون لنظام الضرائب، وعلى كثرة جرائم كابون كالقتل بل مذابح لأعدائه، فإن الحكومة لم تستطِع أن تدينه إلا بجريمة التهرب الضريبي؛ لأنها المرة الوحيدة التي وجدوا فيها شاهدًا وافق أن يشهد ضد أكبر مجرم في البلد كله، وفي السنة التالية أتى القبول لابنه بوتش في القطاع العسكري وسطر ملاحم شهيرة، بينما قضى كابون بقية حياته مسجونًا.
لكن هذا ليس فيلمًا نستطيع أن نكتب له نهاية سعيدة لنرضي الجمهور، فعلى الإنترنت لو بحثت فستجد آخر صورة لإيدي أوهير، مضرج بدمائه في سيارته بعد أن أمر فرانك نيتي – خليفة آل كابون – بقتله انتقامًا، ودفع الوالد الشجاع حياته ثمنًا لمستقبل ابنه.