يمر بك شخص أو يدخل المصعد فيسلم، لكنه لا يقول: السلام عليكم. يقولها لكن ليس هذا ما تسمع. الذي تسمعه هو هذا: س!
ربما أنت ممن يفعل ذلك كثيراً ولم تنتبه، وربما من شدة انتشار هذه المسألة صار الناس لا يلاحظونها سواء فعلوها هم أم فعلها غيرهم. هل هذا من الإضمار؟ بعض الكلام يُضمَر ولا يُظهَر لأن القائل يفترض الفهم بغير حاجة لذكره. ألم تتساءل لماذا ننصب كلمة شكراً؟ لماذا لا نقول شكرٌ؟ السبب: هناك فعل محذوف، وهو أشكرك (شكراً)، وبعد الاعتياد على الجملة حُذف صدرها وبقي آخرها بإعرابه. تنقص الجمل تدريجياً بعد الاعتياد عليها ورسوخها في ثقافات الأمم. لماذا أهلاً وسهلاً وليس “أهل وسهل”؟ نفس المبدأ، فهناك فعل تقديره جئتَ أو حللت أو نزلتَ (أهلاً). قل نفس الشيء عن “عفواً” و”مرحباً” وما شابههما من كلمات. لكن هل هذا ما حصل مع تلك السين (البليغة!)؟ هل اعتدنا السلام حتى حذفناه كله إلا حرفاً؟ بلاغة أم عيب كلامي؟
إذا كنتَ الإمام أو لاحظت بعض أئمة الصلاة وخاصة أئمة الجماعة الثانية الذين لا يؤمون كثيراً قد تلاحظ نفس الشيء فيهم وفي نفسك: الله أكبر تصير فقط “أكبر”، لأنك تقول أولها بصوت خافض لا تنتبه لشدة خفوته ويصعد الصوت حتى يصير مسموعاً إذا وصلت للكلمة الثانية. في التسليم كثيراً ما تسمع السين فقط في السلام عليكم ثم تسمع كلمة “رحمة الله”. طبعاً أنت قلتها والإمام قالها كاملة لكن مثل الحالات السابقة يبدأ الصوت منخفضاً جداً ثم يصير مسموعاً عند آخر الجملة، يحصل بعض الحذف الخفي، ولا يصل لآذان المأمومين إلا “س ورحمة الله” فقط.
لاحظ الكثير من عبارات السلام والتهنئة والتحية: هل تنطق كاملة؟ أم يطغى عليها الحذف والإضمار والإخفاء؟