رأيت مقطعاً يبعث على التوتر، لحيوان الكسلان اللطيف وهو يمشي فوق أفعى الأناكوندا العملاقة، والتي لم تفعل شيئاً، وتركته يمشي مشيه البطيء المعروف، حتى مر بسلام وتنفّس المشاهد الصعداء.
لا أدري كيف يعيش هذا الكائن، فهو يشبه القرد من بعيد، لكنه عكس القرد السريع الذي يتفنن في الشقلبة والقفز والتعلق بالأشجار ببراعة مذهلة يحسدها عليها لاعب الجمباز، فالكسلان شديد البطء وكأنه مقطع أبطأته من زر الإعدادات!
لكن بعد بعض التأمل بدا لي أنه ربما هو الطبيعي ونحن الذين نحتاج أن نعيد النظر في حياتنا؟ إنه يقضي 15 ساعة في اليوم نائماً، بينما قد كثرت مشكلات نومنا وصار الإنسان لا ينام إلا سويعات قليلة غير كافية بسبب صخب الحياة وسرعة المدينة وكثرة الضغوط.
الكسلان يقضي كل وقته معلقاً على الشجرة باسترخاء نحسده عليه، لا ينزل إلا للضرورة كالتزاوج أو الأكل، وهكذا يظل بمأمن من فهد الجاغوار والكائنات المفترسة، بينما نحن لا مكان دائم لنجلس فيه باسترخاء، وجعلت ضغوط الحياة تفترسنا ولا ملجأ منها.
الكسلان بطيء الأيض، فيأكل وتكفيه وجبته ساعات وأياماً، ونحن نركض على عجلة الحياة التي لا تتوقف عن الدوران، فنزدرد الأكل لا نكاد نمضغه ونسبب لأنفسنا اضطرابات الهضم.
الكسلان لديه 3 أصابع مخلبية ضخمة لكنه يستخدمها لحاجاته البريئة كالتعلق بالشجر والأكل، ونحن لدينا أيد بديعة التصميم من الناحية العملية والشكلية، صنعنا بها القنابل النووية وأدوات التعذيب والأسلحة الكيميائية.
الكسلان ضعيف البصر، لا ترى الأم صغيرها من مسافة متر ونصف، ولدى البشر بصر بالغ القوة بالمقارنة، نظر به الإنسان إلى الأمم الأخرى فاشتهى استغلالها وإذلالها، وطاف الإسكندر الأكبر ببصره فقهر كل أمة انتهى إليها نظره، حتى إذا لم يبقَ أحد دمعت عيناه لأنه لم توجد بلاد أخرى يُخضِعها.
ترى الكسلان فتضحك عليه وتقول: كيف يعيش هذا؟ والأحرى أن ينظر هو إلينا ويسأل هذا السؤال!