تجاذب الأضداد

في التسعينات الميلادية شاع في المسلسلات الكوميدية الأميركية ظاهرة استغربها البعض، وهي أن يكون بطل المسلسل دميما أو بدينا، بينما زوجته رشيقة باهرة الجمال، وتظهر ردات الفعل المستغربة: «لا يمكن أن يحدث هذا في أرض الواقع!»

لكن الحقيقة أن هذا دائم الحدوث، بل هو الأكثر حدوثا.. أي أن يتجاذب الناس المتضادون، ليس تحديدا في المظهر، بل وهو الأهم في الشخصية والطبيعة، كما أتى في كتاب Please Understand Me، والذي يدرس طبيعة النفسية البشرية وأنواعها، ووجد أنه في أمور الحب والانجذاب فإن الناس كثيرا يميلون إلى صاحب طبيعة مختلفة متضادة.

شيء غريب لو فكرنا فيه، فالبديهة تقترح أن الشخص لن ينجذب إلا لمن يماثل طبيعته، ولكن تفاجئنا الحياة بحقائق كهذه، وبعض الأزواج ممن تزوجوا من يماثل طبيعتهم يعيشون في وئام وهناء، لكن بعضهم يكون هذا التماثل هو سبب الخلافات الزوجية بينهما، فلا يطيق أحدهما الآخر لأنه يرى نفسه فيه.

هل تنجح الزواجات المتضادة؟ نعم كما يخبرنا عالم النفس “ديفد كيرسي”، لكن فقط عندما لا يحاول الرجل أو المرأة تغيير الآخر، فكثيراً يحصل انجذاب بين الاثنين بسبب اختلاف الطبائع والنفسيات، وبعد الزواج يحاول كل منهما تغيير الآخر ليكون نسخة طبق الأصل منه، وهنا يبدأ الانجذاب يزول والخلافات تظهر، فقد نسي الزوج أو نسيت الزوجة أن هذا الاختلاف كان سبب الانجذاب أصلا! الضرر في العلاقة بينهما يظهر من محاولة التغيير نفسها، أي لا يحتاج أن يحصل تغيير فعلا، بل مجرد محاولة تغيير الآخر يضرب علاقتهما كالفأس في الشجرة، لأن هذا يرسل رسالة للآخر تقول: «أنت لست الشخص الذي أريد فعلا، يجب أن تتحول إلى شخص آخر لكي أعجب بك أو أحبك».

إذا اعتقدت أن التضاد سيكون حجر عثرة فكلاكما في غنىً عن ذلك، وإلا فاترك التضاد في حاله ولا تحاول تغيير الآخر حتى يستمر الانجذاب!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *