جنّ منتصف الليل على مدينة غولدسبورو في ولاية كارولاينا الشمالية في 24 يناير 1961م، خلد الناس إلى النوم، سكنت حركات المدينة، عدا حركة واحدة في سمائها، طائرة ثمينة الحمولة تخترق الأجواء، وفجأة سقطت الحمولة، ولم تكن جواهر أو سلعاً غالية، بل كانت.. قنبلتين نوويتين!
خطأ يفوق كلمة “رهيب”، فقد حصل تسريب وقود في قاذفة القنابل B-52 وهذا فجّر جزءاً من الطائرة مما انتزع القنلبتين وقذفهما نحو الأرض، وتبعتهما الطائرة عما قليل في حطام ناري. إحدى القنبلتين حملها الباراشوت ولم يصبها ضرر، والأخرى هوت على مزرعة، ولم تنفجر أياً منهما. أعلنت وزارة الدفاع أنهما كانتا بمأمن أصلاً من الانفجار لأن كلتيهما غير مشغلتين، ومن ثم يستحيل تفجيرهما، حينها تنفس الناس الصعداء وخفتت الأصوات المنتقدة للإهمال الكارثي.
لكن فيما بعد ظهر أن هذا الكلام لا أصل له من الصحة، وأن الوزارة كتمت الحقيقة المرعبة. ما الحقيقة؟ بينما كانت القنبلتان تنزلان، شغّلت كل واحدة نفسها! حصل هذا بسبب الانفجار الذي ألقاهما خارجاً، لأن القنبلة كانت مصممة بحيث تُشغَّل من صدمة كهذه، ومرحلة التشغيل تتكون من 6 خطوات متسلسلة كل خطوة تعتمد على التي قبلها، فلا تعمل الخامسة إلا إذا عملت الرابعة وهكذا، ويحصل الانفجار النووي إذا وصل التسلسل إلى الدرجة السادسة والأخيرة. وصلت كل قنبلة إلى المرحلة الخامسة! ولم يمنع وصولهما إلى مرحلة الانفجار إلا مفتاح صغير.
نجت المدينة من يوم دمارها، وقال معهد ستوكهولم للأبحاث السلمية إن تلك هي أقرب حادثة في تاريخ العالم من انفجار نووي خاطئ، ولو حصل انفجار لكان شيئاً لا يتصوره أبشع خيال، فيكفيك أن تعرف أن كل واحدة من القنبلتين أقوى من القنبلة التي دمرت هيروشيما 250 مرة!