الذكاء المشاعري من أهم المهارات التي يجب أن يتعلمها كل شخص، وهو أهم من الذكاء العقلي كما وجدت دراسات، وترى ذلك في أن الكثير من ذوي الذكاء العالي تجدهم فاشلين في أمور معينة: في علاقاتهم الشخصية أو العاطفية أو الأمور المالية أو الوظيفية، وتستغرب متسائلًا: كيف لشخص ذكي أن يفوته الشيء الفلاني أو لا يعرف كيف يدير الشيء العلاني؟ والحقيقة أن الذكاء المشاعري Emotional Intelligence يختلف عن الذكاء العقلي المعروف، وأصحاب النجاحات العالية في الحياة دائمًا تجد الذكاء المشاعري عاليًا لديهم، وهو يتكون من قسمين: نفسك، وغيرك. فأما الأول فهو أن تعي مشاعرك وأفكارك وتديرها بحكمة، والآخر الشيء نفسه لكن على الآخرين.
هذه أمثلة من الواقع لبعض الأشخاص الذين يحتاجون تطويرًا في ذكائهم المشاعري:
- في بعض المحال هناك إناء صغير للبقشيش. رأيت أحدهم يضع فيها ورقة نقدية أمام العامل ثم يحاول لفت انتباهه إلى أنه وضع المال بأن أرفق معها نكتة باردة (عن البقشيش!) بصوتٍ عالٍ وابتسامة واسعة، وعلامات الضيق على وجه العامل الذي شعر كأن الشخص يتصدق عليه علنًا، ولعل صاحبنا (المتصدق) استغرب من عدم رؤية الفرحة والحماس على وجهه.
- صرخ على زميله في العمل وشتمه، وبعدها ابتسم له وكأنه لم يفعل شيئًا. الأهم أنه أخرج ما في نفسه من غضب، وبعدها يظن الأمور أن سترجع كما كانت. هيهات! ولا يزال يمازح زميله ولا يعرف أن جوفه ممتلئ بغضًا ونفورًا.
- أحدهم ألقى نكتة بذيئة عند أناس التقى بهم أول مرة، معتقدًا أنهم مثل أصدقائه في تَقبُّل مثل هذه الألفاظ، ولما لم يجد أي ردة فعل منهم انفجر هو مقهقهًا ليستحثهم على الضحك، ولم يأتِ إلا الصمت المُحرِج المشوب بالاشمئزاز.
- ظل وجهه جامدًا عابسًا حتى عندما تبسموا كلهم وحتى عندما ضحكوا. لا يشاركهم مزاجهم ولا يعرف أن اشتراك الحضور في شعور مشترك يُلزِم اجتماعيًا أن تفهم هذا الجو وتشاركهم -ولو قليلًا- مزاجهم.
لا غنى لأي شخص عن الذكاء المشاعري، وأنصح بشدة بالتوسع في القراءة عن هذا الموضوع المهم والممتع.