في حديث عابر مع صديق تكلمنا عن أول أيام الانترنت، أيام “الدايل أب” وبطاقات شحن الانترنت، وقلت: تبدو كأنها أيام مظلمة مقارنة باليوم.
بعد أن افترقنا تأملت عبارتي، ورأيت أنها غير صائبة.
نعم، الانترنت اليوم أسرع وأفضل ومتوفرة في كل ثانية، لا مقارنة بينها وبين أيامها الوليدة في آخر التسعينات، كنا نتسخط من بطئها و تقطّعها، وأنك يجب أن تختار بينها وبين الهاتف الثابت، لأنه لم يمكن استخدامهما معاً.
لكن عندما ألتفت الآن لتلك الأيام…أشتاق لها!
لم يكن هناك سوشل ميديا، حيث الاستفزازات و الأخبار السيئة في جيبك ليل نهار، لم نكن نعرف كل صغيرة وكبيرة من انحطاطات بعض الأمم الأخرى بأدق تفاصيلها المقززة، لم نكن متوفرين على برامج المحادثة على مدار الساعة لكي تصل إلينا كل رسالة حتى السلبية وحتى الدعائية والسبام، وماذا نفعل مع الثقلاء الذين تحاول تجنّبهم والذين صاروا يصلون إليك في كل مكان وزمان ولا مفر من الرد على رسائلهم؟ آنذاك تترك البيت ولا وصول إليك، الآن أنت تحت عين الانترنت العظمى بلا هوادة. إذا لم يصل إليك الثقيل بالواتساب فيستطيع بالتلغرام أو سنابشات أو انستغرام أو رسالة نصية أو اتصال أو إيميل أو لينكد إن، أنت مُلكٌ مشاع الآن، الكل يملكك رغم أنفك!
لم تكن تلك أيام الظلام، بل أيام الراحة من الانترنت وهمومها وإزعاجاتها، كانت أيام الإشراق!