شاب سويدي بلغت ثروته ملايين الدولارات، موسيقار ناجح وسيم خطف الأضواء والقلوب، من يرى حياته يغبطه، هكذا كان يعيش “تيم بيرغلينغ” والذي عُرِف باسمه الفني “Avicii”، يا لها من حياة جميلة!
وفي إجازة عام 2018م، كسر أفيتشي زجاجة في غرفة فندقه الفخم، ثم أمسك بها، واختار أحد أوعيته الدموية فمزّقه، ونزف وحيداً حتى مات.
صُدِم الكثيرون حول العالم. كيف هذا؟! لماذا ينتحر شاب عمره 28 سنة وهو في ذروة شهرته وثرائه؟!
قبل أن أذكر الأسباب سأخبرك شيئاً: لا يهم. مهما كانت الأسباب فهي غير مهمة، إنها مجرد تفاصيل ثانوية. المهم هو أنك ترى شخصاً يبدو طبيعياً بل في قمة المجد لكن في نفسه من البؤس ما يكدر بحيرة عذبة. منظمة الصحة العالمية تقول أنه في كل 40 ثانية ينتحر إنسان.
الآن الأسباب: كان تحت ضغوط شديد من إدارته ليكمل الحفلات الغنائية حول العالم بلا توقف، وهذا فيه وطأة قاسية على الصحة النفسية والجسدية. لم يهتموا بِتَرَدّي صحته، لأنهم جشعون. حاول أفيتشي أن يتناسى همومه بالكحول لكن بعد سنين من إفراط الشرب أتلف أعضاءه، فاصابه التهاب حاد في البنكرياس طرحه في المستشفى 11 يوماً ثم بعدها بسنتين استأصلوا الزائدة والمرارة، وأدمن الحبوب المسكّنة، ومما زاد ضغوطه أنه كان حساساً وينزعج عندما يضطر أن يلغي حفلة، فتأتيه الرسائل الغاضبة والشتائم التي تؤلمه. لم يعرف كيف يتعامل مع هذا. لم يدرك الكثيرون أنه كان بالغ الذكاء ومرهف الحس، في خلوته يتساءل عن أسئلة الكون العظيمة مثل الهدف من وجود الإنسان.
لماذا أذكره الآن وأنا لم أعرفه إلا لما ظهر في الأخبار؟ ليس فقط لأنها حادثة مؤلمة، بل لأن في كل مكان وزمان يوجد كثيرون أمثاله، شخص (ربما أنت) يعاني بصمت، يخفي من الإحساس والذكاء ما لا يراه الناس، يبتسم لكن في نفسه أو نفسها جبال من الوحدة والألم والغربة. إنها حقيقة، هم حولنا لكن عالمهم هذا داخلهم، لا يعرف عنه إلا هم وربما أقل القليل من الناس، لكن عليهم أن يتخفوا خلف قناع المجاملة، لديهم حب لا يجد من يستقبله، إبداع ينشد من يتبناه، ألم يحتاج أذناً صاغية.
العالم يبدو لك باردا موحشا، لكن…هناك من يقدر مشاعرك ويفهم معاناتك، ولو كان بعيدا، لعله يظهر في حياتك يوما ما.