تأمل الأشياء التي حولك الآن. أين صُنِعَت؟
ستجد أن الكثير منها مصنوعة في الصين، ليس عندنا فقط بل في أنحاء كثيرة من العالم، وظهر كتاب بعنوان «سنة بدون صُنِع في الصين»، حاولت فيه الكاتبة الأمريكية وعائلتها العيش سنة كاملة من دون أي منتجات صينية، وهَدَفَت من الكتاب ومن التجربة أن تُظهر للأمريكان مدى تعلّقهم الشبه تام بالمنتجات الصينية، وتبلغ نسبة المنتجات الصينية 21 % من الواردات الأمريكية كاملة حسب إحصاءات عام 2017م أو ما يوازي نصف تريليون دولار، وهو رقم هائل وأعلى مما تستورده أمريكا من الاتحاد الأوروبي كاملاً!
ما نتيجة تجربة الكاتبة؟ هل استطاعت أن تعيش سنة من دون أشياء تحمل عبارة «صُنِعَ في الصين»؟
كانت مهمة عسيرة! لم تستطع أن تشتري حذاءً لابنها الصغير لأن كل الأحذية التي وجدتها تُصنَع في الصين، واضطرت لشراء حذاء إيطالي غالي الثمن لابنها بقيمة 68 دولارًا (255 ريالاً). ولما كان يذهب ابنها ذو الأعوام الأربعة لحفلات أعياد ميلاد أصدقائه لم تجد الأم أي هدية مناسبة، فالصين فعلياً تحتكر سوق الألعاب بكامله، وسئم الأصدقاء ألعاب «ليغو» الدنماركية التي لم تجد الأم غيرها. أما الأجهزة الكهربائية المنزلية فقد كانت ميؤوساً منها إذا تعطلت لأن قطع الغيار كلها تأتي من الصين. مضت السنة وكانت شديدة الصعوبة على الكاتبة، وحتى أشياء في منتهى البساطة في العادة مثل شراء شموع أو مصائد فئران أو مصابيح كهربائية صارت مستحيلة!
مع مرور الوقت، بدأت الكاتبة تدرك أنه بغض النظر عن الجهود الفردية لتجنب المنتجات الصينية، فإن الاعتماد عليها لا يمكن تجنبه في مجتمع يعتمد على الاقتصاد العالمي. فالتكنولوجيا الحديثة وشبكات الإمداد العالمية تجعل من المنتجات الصينية جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وهو أمر يظهر حقيقة لا مفر منها بأن العالم أصبح قرية صغيرة، والصين مصنعها.