ويستمر الجوال في تدمير الزيجات

دخل إلى المقهى، يسلمّ عليه المحاسب فلا يرد، يمشي إليه، يصل إلى المحاسب ليطلب، يحيّيه أخرى فلا يرد، “عطني فلات وايت”. عاشت الأخلاق.

يجلس، يستمع لمقاطع جوال بصوت عالي، دخلت زوجته المقهى، هي تمشي بسرعة في كل أرجاء المقهى تصور كل شيء بجوالها وهو جالس كالمسحور أمام هذا المستطيل الصغير، لا يتحاوران، لا يكادان ينظران لبعضهما. بل أتت دقائق جلس كل منهما على جواله على طاولات متباعدة! رحمتك يا رب.

تحاول أن تتجاهلهما فتعجز، هي تطير بين الطاولات أمامك وخلفك ويسار ويمينك لتصور الديكور والقهوة وحتى الجدران، وهو يشغل المقاطع بصوت عالي واختار طاولة بارزة في منتصف المكان وأمام الباب، لا يمكن أن تهرب من إزعاجه مهما حاولت أن تعطيه بعض الاحترام والخصوصية.

أتت قهوته وكعكتها، هو يشرب ويقلّب المقاطع، هي وضعت الكعكة على الأريكة بجانبها وأكلت منها، حتى لم تضعها على الطاولة بينهما! لا يوجد اشتراك بين الاثنين في أي شيء ولا حتى الأكل من نفس الطاولة! انفصال مادي يشير إلى انفصال عاطفي.

محاولته الوحيدة أن يترك الجوال ولو ثانية واحدة ليعطيها بعض الاهتمام كانت عبر…الجوال! ذهب وجلس بجانبها يريها مقطع جوال. هذه هي الرومانسية الجديدة، هكذا يتواصل بعض الأزواج الآن لإيجاد أشياء مشتركة بينهم.

وضع الجوال أمامها وشغّل المقطع، ثم ارتج المقهى وهذا المعتوه يخبط الأرض بقدمه وهو يضحك. طفل في ثياب رجل.

كم من زيجةٍ تموت الآن وكم من طلاق حصل بسبب الجوال؟ قرأت خبر من 2022م عن زيادة غير مسبوقة بمعدلات الطلاق في المملكة بسبب الجوال، وتحديدا إدمان وسائل التواصل الاجتماعي وتقليد المشاهير وعقد المقارنات، وصلت إلى 168 حالة يومياً، أي 7 طلاقات كل ساعة!

والإدمان من سيء إلى أسوأ، ولا حل يَلُوح في الأفق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *