الصور تصنع تصورات صامدة.
إنها تنشئ في ذهن المشاهد تمثالاً دائماً، عندما تحاول أن تتذكر وجه أخناتون أو هتلر أو الموناليزا فستتذكرها كما خلّدتها التماثيل أو الصور أو الرسوم الشهيرة، وقد تكون الوجوه مبتسمة، فتظل في الذهن هذه الصورة لا تتغير، وكم هي خادعة.
كلنا يعرف أن الإنسان لا يظل مبتسماً سعيداً مدى الحياة، فهي بشرورها وآلامها لا تسمح لأي شخص أن يستمر على التبسم، ومع ذلك عندما تتذكر الموناليزا مثلا يصعب أن تتصورها تعاني آلام المخاض، أو الفرعون أخناتون يتألم نفسياً وحيداً لأن مصر لم تقبل دينه التوحيدي الجديد الذي حاول أن يضعه مكان الوثنية المصرية القديمة، أو مارلين مونرو تتوجع من وحشية هوليوود الصامتة، وامضِ هكذا إلى ما لا نهاية،
يمكن أن تقول نفس الشيء عن أي شخص اليوم صورته سعيدة مبتسمة في ذهنك، ربما صورتي هنا والتي توحي بسعادة دائمة، بينما أنا شخص مثل أي شخص آخر لدي لحظات سعيدة ولحظات كئيبة أعاني فيها ما يعاني الآخرون، ربما أقل وربما أكثر، ومثل أي صورة مبتسمة تراها في الصحف وأغلفة الكتب والسوشل ميديا والتلفاز، فهي لا تعطي صورة كاملة حقيقية، لا سيما وأن أكثر الناس لا يحب إلا أن يظهر بمظهر إيجابي سعيد ولا يتكلم عما يؤسفه أو يسوؤه.
ظهرت هذه الخاطرة في بالي لما مر بي موقف شديد الألم، وبعده بالمصادفة شاهدتُ صورتي المبتسمة هذه، تأمّلتُ ذلك، لكن أصارحكم أنه وقتها في تلك اللحظة وبسبب المفارقة، ابتسمت!