اليابان حضارة مميزة، وإذا قرأت عنها تجد مجموعة من الفرائد والغرائب، من أعجبها هيكيكوموري Hikikomori.
الكلمة تصف حالة انعزال للراشدين، بدءاً من سن 20 تقريباً، إنه ينعزل تماما عن المجتمع، يعيش في غرفة في بيت أهله، يتحاشى كل المواقف الاجتماعية والعلاقات، عادة لفترة لا تقل عن 6 أشهر، وكل هذا بلا تفسير واضح لأصل المشكلة.
الحالات تختلف في شدتها لكن غالبا تستمر سنين وربما عقود، ويصعب معرفة عددهم بدقة بسبب انطوائهم، لكن في دراسة عام 2010م أجرتها الحكومة اليابانية وجدت أن هناك ما لا يقل عن 700 ألف منهم في اليابان، ومعدل العمر 31 سنة.
ظاهرة كهذه لن يكتفي العلماء بهز أكتافهم بلامبالاة وعزو السبب للمجهول، فظهرت فرضيات غير مثبتة تحاول معرفة السبب، منها اضطرابات في النمو والنفسية، ومنها التقنية، لأن منهم وجد فيه إدمان الإنترنت وألعاب الفيديو، إنما ما جذبني هو ما يتعلق باليابان، تحديدا سببان محتملان: (1) المجتمع والتقاليد: الأعراف اليابانية تضع ضغطا شديدا على النشء، فطقوس الأكل والتحية والسلام والتعارف، وضرورة الذوبان في بوتقة المجتمع، والالتزام بسلّم اجتماعي صارم جامد، كل هذا يضغط الشباب، وقد يكون من أسباب انسحابهم التام من المجتمع. (2) التعليم: نظام التعليم الياباني مثل سنغافورة والصين وكوريا الجنوبية يطلب من اليافعين أكثر مما يطيقون، وفيه طابع المنافسة الشرسة، والتوقعات المبالغ فيها، ونظام التلقين المتحجر، كل هذا يُفزِع الطالب بتهديد “انجح وإلا رسبت وصرت فاشلا وضاعت فرص المستقبل للأبد”.
هذان السببان مألوفان لنا في البلاد العربية كذلك، ففيهما تشابه مع ما نراه، وهناك أناس في مجتمعاتنا فعلوا كما فعل هيكيكوموري، فليتنا نرى دراسة عنهم أيضاً لنعرف أسباب هذه الظاهرة المؤسفة.