قال اليابانيون: إذا سقطتَ 7 مرات، قم 8.
لكن الكمالي الذي يُحرِّم النقص ويُجرِّم الخطأ لا يعتقد ذلك، يرى أنه إذا سقط مرة فهو فاشل، وسيتوقف عن المشي ليقتل نفسه باللوم والتحطيم.
الكمالية جريمة جميلة ضد نفسك، جريمة لأنها من أقْتَلِ الخصال، جميلة لأن ظاهرها طيب، يوهمك أنك تسد الثغرات وتتفادى الأخطاء وتسعى إلى نسخة أفضل من نفسك، لكن ليس هذا ما تفعله، هذا يصِف التقدّم الحقيقي، تحسين النفس باستمرار، التسامح مع الأخطاء والتعلم منها، أما أن تتعلم من خطأك وفي نفس الوقت تذل نفسك بالانتقاد فلم تتعلم فعلاً من الخطأ.
الكمالية هي العدو في الدين أيضا. الكمالي لا يطيق أي ذنب، لا في نفسه ولا في غيره، إذا رآه في غيره أساء الظن واتّهم، وإذا رآه في نفسه أبغضها وقنط. يعرف أن كل ابن آدم خطّاء لكنه يقرأ هذا ولا يعيه.
قيل: الكامل عدو الجيد. عندما ترى الجيد فهذا طيب: إنجاز جيد، سلعة، خصلة، طعام، سيارة، أي شيء. لكن فور أن تطل الكمالية بوجهها الفاتن القاتل رأيتَ الجيد سيئا. الكمالية هي “السيرانة”، حورية البحر الجميلة التي يسمع البحّار غناءها من بعيد فيفتتن ويطارد صوتها الرقيق مسلوب اللب فتقتله.
قال الرسول عليه الصلاة والسلام: «انظروا إلى من هو أسفلَ منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقَكم، فإنه أجدَرُ أن لا تزدَروا نعمةَ اللهِ عليكم». الكمالي لا يفعل ذلك، إنه لا ينظر إلا إلى الأعلى، لا يرى نِعَمه التي بحجم الجبال، بل يرى نقصها الذي بحجم الحصى.
ألا بُعداً للكمالية!