حَسِّن حياتك بالمكاسب الهامشية

قبل 110 سنين، بدأ سباق الدراجات السنوي “تور دي فرانس”، ولم يفُز فريق التدريج البريطاني بجائزة واحدة.

ما أسوأ أداءهم! حتى إن إحدى كبرى شركات صناعة الدراجات رفضت أن تبيع لهم خشية أن يفسدوا سمعتها!

عيّنت منظمة التدريج البريطانية مدربا جديدا عام 2008م، وبعد 5 سنين فقط، اكتسح الفريق البريطاني السباق الأولمبي في بكين، نالوا 60% من الميداليات الذهبية! وبعدها بأربع سنين كسروا رقما قياسيا آخر، ليس واحدا بل 9 أرقام قياسية على المستوى الأولمبي و 7 على العالمي! في نفس السنة فاز بريطاني بسباق تور دي فرانس لأول مرة، وفاز زميله في السنة التي بعدها، ومنذ آنذاك أخذوا في حصد المراكز الأولى والذهبية أينما ذهبوا.

كيف حصل هذا التحول الصادم؟ بمبدأ المكاسب الهامشية Principle of marginal gains.

إنها التحسينات الهامشية الضئيلة التي تحتقرها الأسماع، لكن بعد أن تتراكم تصنع فرقا. هذه أمثلة من تحسينات المدرب الصغيرة والتي قَلَبت المعادلة لصالح الفريق البريطاني:

  • إعادة تصميم الكرسي لراحة أكثر
  • فرك الإطارات بالكحول لاحتكاك أفضل بالأرض
  • شورتات مُدفأة الكترونيا لأفضل حرارة للعضلات
  • حساس ينقل إشارات الجسم لمراقبة وتحسين الحرارة
  • ملابس أخف

أشياء ضئيلة! كل هذه لا يعطيها الشخص كبير اهتمام، لكن المدرب نظريته أن يحسّن بنسبة 1% كل شيء له علاقة بركوب الدراجة، لذلك لم يكتفِ بالأمور المباشرة بل حتى غير المباشرة التي يُغفلها الناس، مثل:

  • تجربة عدة مراهم عضلات واعتماد أفضلها تأثيرا
  • أتى بطبيب ليشرح للمدرجين طريقة غسل اليدين الصحيحة لتفادي الإصابة بنزلة برد
  • تجربة مخدات ومراتب سرير لكل مدرج واختبار أفضلها لنوم أهنأ
  • صبغ داخل السيارة التي تنقل الدراجات بالأبيض. ما علاقة هذا؟ لكي يلاحظوا أي ذرات تراب ويزيلوها كي لا تؤثر على أداء الدراجات! من يفكر بشيء كهذا أصلا؟

ونتيجة كل هذه التحسينات الضئيلة ما ترى.

هذا المبدأ نقدر أن نطبقه على كل شيء، معظم الناس لا يكترث إلا بكبار الأمور مهما كان المجال. مثلا:

  • تريد إنقاص وزنك؟ ربما جربت حمية قاسية فجأة، لكن الأفضل أن تطبق تغييرات صغيرة صحية في نظام الغذاء: تقليل السكر تدريجيا، إضافة القليل من الخضار الورقية، تصغير حجم الوجبة.
  • تريد تأسيس تجارة؟ لا تقترض مبلغا كبيرا اعتمادا على راتبك وتغامر بفتح محل، بل ابدأ بدايات صغيرة تنمو ببطء (البيع عبر الانترنت مثلا).
  • تريد التميّز في العمل؟ لا تركز بالضرورة على صنع إنجاز ضخم يشتهر على مستوى الشركة كلها، إنجازات ممتازة المستوى متوسطة الحجم ومستمرة سيكون لها صدى.
  • تريد تحسين حياتك الزوجية؟ لا تهمل زوجتك وتعطها هدية ثمينة مرة أو مرتين في السنة، بل الهدايا والمواقف البسيطة الإيجابية المتكررة أفضل.
  • تريد أن تكتب كتابا أو مقالة؟ لا تنشد الكمال، اجعل هدفك أن يكون كتابك أو مقالتك عاديا! وحسّنه بالتدريج بعدها.
  • ترغب أن تفوز ببطولة؟ لا تقفز فورا في دورة تدريب شديدة المشقة، عليك بالصعود التدريجي، مهما كانت صحتك وشبابك فلهذه الفُجاءة الشاقة أثر طويل المدى.
  • تريد قراءة كتاب؟ لا يجب أن تقرأه كله بسرعة إن صَعُب هذا عليك، اكتفِ بصفحة أو صفحتين كل يوم.
  • تريد أن تنتقل من المشي إلى الهرولة؟ امشِ 20 دقيقة ثم هرول 10 ثوانٍ، وزدها 5 ثوانٍ بعد أسبوع، ثم 5 الأسبوع الذي بعده.
  • تريد أن تصحو أبكر؟ لا تضبط المنبه على نصف ساعة قبل موعدك المعتاد، اجعله أبكر بدقيقة واحدة فقط، وأرجعها دقيقة دقيقة كل يوم إلى أن تصل لوقتك المرغوب.
  • تريد لياقة وصحة أفضل؟ بدلا من القفز إلى نظام رياضي كامل، ابدأ بأن تستخدم الدَّرَج بدلا من المصعد، امشِ إلى بقالة قريبة بدلا من أن تقود دقيقتين لها، لا تمانع من إيقاف سيارتك في أماكن بعيدة فتكسب قلة الزحام وكثرة المشي.
  • تريد أن توفر مالك؟ لا تقلق، عش حياتك، لكن ادّخر فقط 10% من راتبك، وافعل بالباقي ما شئت.

حسّن حياتك بالمكاسب الهامشية، ستنال الكثير!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *