مايكل سيفري خبير فرنسي، تخصّصَ في الكهوف.
في عام 1962م قرر أن يعيش في كهف مظلم، بعيداً عن الحضارة، ليرى كيف يتغير الإحساس بالوقت لدى الإنسان. بعد وقت قصير في الكهف شعر بتغييرات كبيرة في الوقت. مثلاً، أراد أن يحسب فترة دقيقتين وبدأ يعد الثواني معتمداً على عقله. لما انتهى وقاس الوقت الحقيقي وجد أن عد الدقيقتين قد أخذ منه 5 دقائق. لما خرج من الكهف قدَّر أنه مكث 34 يوماً، ولكنه فعلياً لبث 59 يوماً.
عقلك يلعب بك أحياناً، فيجعل الوقت ذا أطوالٍ متضاربة، تأمل بعض هذه الظواهر:
(1) الخطر: من يمر به يبطئ شعور وقته، كمن يواجه أسداً في البرية ويظل يحاول الخلاص منه لبضعة دقائق فبعد أن ينجو سيشعر أنه قضى أضعاف ما قضى فعلاً. التجارب الممتعة المخيفة تعطي نفس الشعور، مثل رياضة القفز بالمظلات، يبدو الوقت بطيئاً لأن العقل أشد وعياً وانتباهاً، يسجل كميات أضخم من تلك التجربة.
(2) المتعة: الوقت أسرع بكثير عندما تستمتع، تشعر أنه “طار”، هناك فكرتان تحاولان تفسير هذه الظاهرة، أولاهما أن المتعة لا تُطير الوقت، وإنما هو شعور يعاكس الملل، فالملل يجعلنا ننتبه أكثر لمضيّ الوقت، بينما المتعة تفعل العكس. أما الأخرى فتقول إن طيران الوقت هو السبب في كون التجربة ممتعة، أي مثل النبوءة المحققة لذاتها!
(3) الساعة المتوقفة: كم مرة لاحظت أنك عندما تنظر للساعة تلاحظ أن عقرب الثواني قد توقف، وإذا به يتحرك مرة أخرى؟ حركته فعلياً لم تتغير. كنت أظن السبب أنني صادفت أن نظرت للعقرب بالضبط في بداية الثانية، ولكن اكتشفت أن هذا لا علاقة له بهذه الظاهرة، وتفسيرها أن عينك عندما تنتقل من نقطة لأخرى فإن إدراك العقل للوقت يتسع قليلاً، والغريب أنه يتسع للخلف. هذا يعني أن عقلك يخبرك أنك كنت تنظر لعقرب الثواني لفترة أطول فعلياً مما قضيتَه، بينما من الناحية الفعلية عقرب الثواني كما هو لم يزد ولم ينقص في وقته، وإنما خدعك عقلك.
(4) المشاعر: يطول الوقت عندما تحاول تغيير شعورك بالقوة، قام باحثون بتقسيم متطوعين إلى فريقين وطلبوا منهم مشاهدة فيلم مؤلم، الفريق الأول عليهم أن يكتموا مشاعرهم، الثاني يمكنهم أن يبكوا وينفعلوا، بعد الفيلم الفريق الثاني لم يشعر بتغير في الوقت، أما الأول الذي كتم مشاعره فشعروا أن الوقت أطول بكثير.
(5) العمر: الأكبر عمرا يشعرون أكثر بسرعة الوقت، العطلة الصيفية تمر وكأنها سنة كاملة إذا كنت في الخامسة عشرة من العمر، بينما تبدو كأسبوع لشخص أكبر ببضعة عقود، السبب أن الشخص في طفولته وشبابه ينتبه أكثر للتجارب الجديدة وينغمس فيها مما يطيل شعور الوقت، أما إذا كان أكبر فقد رأى معظم الأشياء في الحياة ولا تجارب كثيرة تبدو له جديدة، فيمر الوقت بسرعة.
(6) الحرارة: وجدت جامعة مانشستر أن ارتفاع الحرارة يمط الوقت، وهذه يدركها من يصاب بحمّى، فتبدو الدقيقة كأنها دقيقتان، والعكس صحيح، فعند انخفاض درجة الحرارة فإن إحساسنا بالوقت ينعكس ويبدو الوقت أسرع.
(7) الاختلاف: الناس يختلفون. الوقت ليس هو نفسه لكل الناس، لكل شخص إيقاع معين، إذا كنتَ من النوع سريع الحركة سريع التفكير ستشعر أكثر بطول الوقت، وصاحب الوتيرة الأبطأ يشعر أن الوقت عادي، وهذه أكدها بعض البحث، مثل دراسة نُشرت عام 1977م كان فيها المتطوعون يسمعون صوت إيقاع يزيد وينقص، وطلب منهم العلماء تحديد الإيقاع الذي ارتاحوا نفسياً معه، وهنا تباينت الإجابات كثيراً، فالبعض قال إن الإيقاع بمعدل 40 ضربة في الدقيقة كان هو الأفضل، وغيرهم قالوا إن معدل 200 ضربة في الدقيقة هو ما ارتاحت أنفسهم لسماعه.