وضع أحد المؤلفين الغربيين واسمه فرانسيس فوكوياما كتابا مثيرا للجدل عام 1992 عنوانه، “نهاية التاريخ والرجل الأخير”، والذي رأى فيه المؤلف أن التاريخ قد وصل إلى نهايته.
لا يقصد بهذا نهاية العالم كما نعرفها، أي أنها سيُقضى عليها وتبيد ويأتي يوم القيامة.. إلخ، بل يقصد فوكوياما أن التاريخ البشري قد وصل لذروته الحضارية في الحضارة الغربية، ولا يمكن أن يتفوق على هذه المرحلة، فها قد انهار الاتحاد السوفيتي وانتصر الغرب على الشيوعية ليس جيوسياسياً واقتصاديا فحسب بل حضاريا، وزعم أن هذا يعني أن الحضارة الغربية هي أعظم وأفضل ما توصل له الإنسان، وأن بقية الحضارات والأمم ستسير للخلف لو لم تسلخ جلدها وتتقمص الجلد الغربي بحذافيره.
الكثير استنكر هذه الفكرة، لأن الغطرسة الواضحة في هذا الزعم تحتقر من كل حضارات العالم وترفع للأعلى واحدة فقط وهي حضارة المؤلف، وهي نبرة نعرفها جيدا عندما نقرأ كتابات بعض المستشرقين قبل قرنين.
مضت الآن 30 سنة وما يزال العالم رافضا أو حتى لامباليا بحجة فوكوياما، فالحضارات الإسلامية والهندية والإفريقية والآسيوية لم تخلع أرديتها لتتشبه بغيرها، بل العكس حصل، فظهر اعتزاز الكثير من الحضارات المختلفة بنفسها وتاريخها، حتى إن بعضها – كالصين – وضعت حدودا للبرامج الترفيهية الغربية التي تُبث إليها لكي لا تؤثر على التراث والتقاليد الصينية.
رغم خطأ كتاب نهاية التاريخ إلا أنه سؤال شيق: هل ستظهر في يومٍ من الأيام حضارة تمحو (سلمياً) ما عداها ويقتدي بها الناس حتى تذوب كل الحضارات البشرية في واحدة؟.