قال الأديب إرنست همنجوي: أندر شيء رأيته في الأذكياء هو السعادة.
قالها وهو ذكي، ويعرف أن الذكاء مرتبط بمشاعر سلبية ثقيلة عميقة لا تنفك من نفس الذكي، وتوفي الروائي الكبير منتحراً.
كل ذكي يعرف هذا الشعور، منهم شعراء لمّاحون ذوو عقول، فمثلاً قال ابن ميكال: وَأَخُو الدِّرَايَةِ وَالنَّبَاهَةِ مُتْعَبٌ.. والعيْشُ عَيْشُ الْجَاهِلِ الْمَجْهُولِ. وقال ابن المعتز: حَلَاوَةُ الدُّنْيَا لِجَاهِلِهَا.. وَمَرَارَةُ الدُّنْيَا لِمَنْ عَقَلَا. وقال أبو نصر بن نباتة: مَنْ لِي بِعَيْشِ الأغبياء فإنَّهُ.. لَا عَيْشَ إلَّا عَيْشُ مَنْ لَمْ يَعْلَمِ.
الجاهل والمغفل في قمة السعادة! لن يهتم بكبار الأمور وعظائم الهمم وأعالي الطموحات التي تقض مضاجع الأذكياء، بل لا يكترث إلا بالحاضر والمباشر والمحسوس الملموس من الأمور والذي يخصه هو وربما من حوله، أما بعد ذلك فالتفكير لن ينشغل.
ما هي بعض مظاهر نقمة الذكاء؟ أخبرني إن كنت تميز بعض هذه:
- تضجر أثناء المحاضرة أو الدرس، ليس كسلاً وعجزاً عن الفهم بل لأن الموضوع دون مستواك واهتماماتك.
- تثيرين حفيظة المُدرّسة أو الأستاذة الجامعية وغيرهم، وذلك بكثرة الأسئلة وحب الاستطلاع والاستكشاف.
- تكتئب وقد تصاب فعلا بالاكتئاب المرضي Depression والقلق المرضي Anxiety بسبب ذكائك وتفكيرك، ومن ذلك رؤية الجانب المظلم للناس والحياة والذي يغفل أو يتغافل عنه أغلبية البشر ويعيشون في فقاعة وردية.
هذه بعض الأعراض، ومنها أخرى متعددة مثل كثرة السرحان (العقل يفكر باستمرار)، الرهاب الاجتماعي (متعة في التواصل مع العقل والذات بدلاً من الناس)، اضطرابات النوم (ذهن بالغ النشاط)، كثرة التفكير القلِق (مبالغة في تحليل الأمور)، كل هذه علامات يرى علماء أنها مرتبطة بالذكاء العالي.
لا شيء مجاني في الدنيا، كل شيء له ثمن، وهذا ثمن الذكاء، فاصبر على نقمته!