أنت وهو تتحادثان، لا أحد غيركما في هذه الجلسة، أي يُفتَرَض أن كل أو جل اهتمامه معك، لكن كل عدة دقائق يتجاهلك وينظر في جواله، هل يمكنك أن تتخيل شيئاً كهذا من قبل؟ هل تتصور أن تحادث صديقك أو قريبك فيخرج الكلمات المتقاطعة ويلعب قليلاً ثم إذا نبّهته لسوء تصرفه قال: لا، عادي، أنا معك!
يتحدث على الجوال وهو عند المحاسِب الذي يضع أغراضه في الكيس ويحاسب المشتريات، ولا ينظر صاحبنا نظرة واحدة للمحاسب وكأن الذي أمامه حجر.
في المقهى أو المطعم يأتي اثنان وبدلاً من الحوار والتسامر يمسك كل منهما بالجوال ويشاهد مقاطع أو يعبث بتويتر، فما فائدة هذا الخروج واللقاء إذن؟
الأسوأ حينما يشغّل الشخص مقاطع فيديو بصوتٍ عالٍ يصل إلى مسامع الجميع، للمقارنة تخيل أن شخصاً أتى بمسجل (ستيريو) وأخذ يستمع إلى أغانٍ أو تعليق مباراة كرة على المذياع بصوت مرتفع في مكان عام، هل له عذر؟ لكن هذه الوقاحة مما أضفى الجوال عليه الشرعية والطبيعية لدى البعض، هذا المشهد لا تراه في دول مثل اليابان والتي يحرص الناس فيها ألا يُصدروا أي صوت مزعج في الأماكن العامة، خاصة الجوال، البعض إذا سمع عن غير المسلمين قال “الله يهديهم للإسلام”، طيب ها أنت مسلم ولكن أخلاقياتك أسوأ! هل لو رأى هذا الذي تدعو له بالهداية أخلاقياتك الجوالية، أو هجوميتك ووقاحتك مع الناس أثناء القيادة، أو رميك للنفايات في الشارع أو الحديقة بلا مبالاة، أو كلامك على الجوال بصوت مزعج في العَلَن، سيتقبل دينك الذي يفترض أن يهذبك؟ لا، بل سيكون هو الذي يدعو لك بالهداية!