يفتخر الرجل بالعمل والإنجاز، والبعض لا يكتفي بذلك، بل يفتخر بأنه يتحمل قدرًا ضخمًا من الضغوط، وهذه إن بدت ميزة إلا أنها عيب!
هذه المعلومة الظريفة والمفاجئة التي يفتح أعيننا عليها الخبير النفسي روجر كارلسون، فيقول إنك إذا أردت حياة صحية، فعليك أن تقلل قدرتك على احتمال الضغوط. البدهي أن يقول الشخص: لكن أليس الأفضل أن أكون صاحب قدرة على تحمل ضغوط عالية في العمل والحياة؟ أليست ميزة؟ والحقيقة أنها ليست ميزة إذا نظرنا إلى أضرار الضغط النفسي الشديدة؛ لأن مستوى ضغطك دائمًا سيتوافق مع مستوى تحملك. هل تستطيع أن تتحمل مقدارًا ضخمًا من الضغوط النفسية؟ إذن سيأتيك مقدار ضخم من الضغوط النفسية.
ينصح كارلسون بالتعامل مع الضغط لا كشعور قوي لا يد لك فيه، بل كإشارة وإنذار أنك في طور تفكير خاطئ، وأن عليك أن تنفض هذا الفكر بعيدًا لتذهب الإشارة، وتستطيع أن تشبّه ذلك بإشارة السيارة أن المحرك ساخن: إذا استمررت في المشي رغم التحذير فسيحترق المحرك وتحترق نفسيتك. تخيل أن الضغط له مقياس من 1-10، الذي يتحمل إلى الدرجة 10 فلن يتصرف مع الضغوط إلا في وقت متأخر لا ينفع معه التصرف، كأن يصاب بنوبة قلبية، فالضغط ارتفع وهو يتحمل ولا يهتم، بل ربما يفتخر بأنه في وجه المدفع، وأنه “يتحمل” الضغوط الهائلة تلك. من يتحمل إلى درجة 7 فسيكون أنبه للعلامات من ذاك الأول، ولن يصل إلى مرحلة النوبة القلبية، ولكن بعد تأخير وبعد أن افترس الضغط بعض صحته ونفسيته، وربما بعد أن تسوء الأمور بينه وبين زوجته ومعارفه. والآن تخيل شخصًا عوّد نفسه ألا يتحمل إلا درجة 3، ماذا يحصل؟ سيلاحظ فورًا وجود خطب حينما يدخل في مشكلة مع شخصٍ أو شيء ما. أنقِص درجة وتخيل شخصًا لا يحتمل إلا درجة 2: سينتبه بسرعة إذا شعر بموقف سلبي يثير الضغط لديه، بل لن يصل إلى مرحلة الشجار تلك؛ لأنه سيتوقف قبلها! وهلم جرا.
الهدف الأساسي هو أن تعوّد نفسك أن تنتبه لتفكيرك باكرًا قبل أن يتعاظم خارج سيطرتك، وإذا كنت ممن يعاني الضغوط فهذه ستفيدك.