اليهود يأكلون وجبة خاصة مرة كل سنة وقت عيد الفصح اليهودي. ما الذي يجعلها خاصة؟ لأنها تمتلئ بالرمزية، وكثير من الطقوس والملابس والأدوات في دينهم ترمز إلى أشياء معينة، ولا أدلّ على ذلك من هذه الوجبة، فهي مكونة من عدة أطعمة لكل منها معنى معين، فتتكون من خبز سريع خالٍ من الخميرة إشارة إلى سرعة خروج بني إسرائيل من مصر مع موسى، بيضة مسلوقة (تشير إلى حياة جديدة)، خضار مرة كالفجل (مرارة العبودية)، لحم غنم (أضحيات)، معجون شاروست الذي يتكون من فواكه ومكسرات (طعام صنعه بنو إسرائيل لأسيادهم في القصور المصرية)، ماء مالح (دموع بني إسرائيل لما استعبدهم فرعون).
إنه قدر كبير من الرمزية، ودين اليهود حافل بمثل ذلك أينما بحثت، ودين النصارى فيه بعض الرمزية ولكن ليس بالمقدار نفسه، كتقليد أكل القربان المقدس الذي يرمز إلى جسد المسيح، أما الإسلام ففيه رمزية وإن كانت أقل من هذين، منها رمزية السعي في الصفا والمروة تخليدًا لقصة هاجر.
الرمزية مهمة في كثير من الأديان والحضارات، فهل لاحظت مثلًا كثرة انتشار اسم Singh في طائفة السيخ؟ إن كل رجالهم يحملون هذا الاسم الأخير، والنساء يحملن الاسم الأخير Kaur، وهذا يرمزون به إلى المساواة ونبذ الطبقية الشرسة التي عُرف بها جارهم الدين الهندوسي.
ومما اتفقت فيه حضارتان مختلفتان جدًا وهما الغربية والصينية التفاؤل بقدم الأرنب، فأتى في عُرف الغربيين أنه فأل حسن إذا عُلِّق بخيط، ولدى الصينيين يعني الرخاء. ويصعب تتبع أصل مثل هذه الاعتقادات، إلا أن بعض الرموز واضحة مثل تعليق أنياب السباع اعتقادًا أنها رمز للبأس والشجاعة. ومن الغريب رؤية الشر يرمز إلى الخير، لكن هذا فعلته النساء الآشوريات قبل آلاف السنين، فإذا أتاهن المخاض تلبس إحداهن تميمة عليها نقش بازوزو، ورغم أنه شيطان إلا أنهم ظنوا أنه يمنع موت الوليد، والإله الهندوسي فيشنو الذي عُرِف بالتدمير والخصوبة في الوقت نفسه.
الهنود الحمر رأوا في التمساح رمزًا لحب الأم، الثوم رمز للعصمة من مصاصي الدماء، أهل الكاميرون رأوا أن العنكبوت ترمز إلى الأناة والحكمة، ولن تجد شيئًا إلا وقد وضع البشر له معنىً رمزيًا!