ميتافيزيقية

عندما تقرأ العنوان قد تتضايق من هذه الكلمة أو تستغربها، ربما تبدو فلسفية غامضة، لكنها كلمة هي جزء من اعتقاداتك وحياتك اليومية.

كلمة metaphysics إنجليزية الأصل ونعرّبها ميتافيزيقية، وهي من فروع الفلسفة، مركبة من نصفين، الجزء الأول هو physics أو الملموس المحسوس، وكلمة meta وتعني ما هو وراء ذلك وأعلى منه، مثل طبيعة الأشياء والعلاقات بينها، فتتكلم عن ماهية الأشياء التي نراها وحقيقة وجودها وأصل الكون والوجود ومحل الإنسان من كل ذلك وحرية الإرادة والوعي، وهكذا.

مما تدرسه الميتافيزيقية هو الدين، فتطرح أسئلة عن الآخرة ومشكلة الشر وأصول الأديان والمعجزات، ومن المواضيع الميتافيزيقية الشيقة العقل اللاواعي، وتأثيره علينا بدون شعور، وقد وضع العلماء كتباً عن هذا الموضوع العجيب من أفضلها كتاب Subliminal الذي سيدهشك بعظمة تأثير عقلك اللاواعي على قراراتك وحياتك اليومية. علم المخ والأعصاب يستطيع أن يدرس مخك من الناحية المحسوسة، يرى مكوناته ويعرف أي جزء هو المسؤول عن البصر والذاكرة والمشاعر، لكنه لا يستطيع أن يرى العقل اللاواعي، لأنه ليس جزءاً نراه وله وجود حسي مثل المخ، فهنا يضطر عالم المخ أن يتجاوز الطب وينتقل بالنقاش إلى مرحلة الميتافيزيقية.

عندما تمسك -مثلاً- كتاب أحد كبار المفكرين فإنك تمسك صفحات تلمسها عليها نصوص تقرؤها، هذا هو الملموس، ولكن عندما تفكر في أصل هذا الكلام ومغزاه وتأثيره على المجتمع وما يمكن أن يصنعه بأن يرفع مستوى الوعي لدى الناس ويوصلهم لمراحل أعلى من التفكير، هنا ارتقيتَ فوق مستوى الملموس المرئي إلى ما هو أسمى بكثير. وهذه هي أعظم الأمور فعلاً، أي الأمور السامقة التي تعلو الملموس المحسوس، هي التي تُوَلّد أهم الأسئلة في الدنيا، أسئلة عن معنى وجودك، وهدفك النهائي، وتأثيرك على العالم، ومستوى وعيك. تلك هي الأمور التي ترفعك عن شخصٍ لا يفكر ولا يكترث بها، أهم شئ لديه إشباع حواسه، وكفى، لا يريد أبعد من ذلك.

لا تقلق من ثقل كلمة “ميتافيزيقية”، فهذا المصطلح يحوي أسئلة عجيبة ومواضيع جميلة ومعاني نبيلة!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *