لن أنسى هذا اليوم قبل تقريبا ٢٥ سنة.
كنت في البيت وجاء والدي ووضع هذه المجلة أمامنا أنا وإخوتي وذهب. نظرت إليها بفضول واستغراب، “ما هذه؟”. قلبت صفحاتها، إنها مجلة ألعاب فيديو اسمها Next Generation. كنت أقرأ بعض مجلات الألعاب مثل GamePro و EGM ولكن هذه مختلفة، إنها موجهة للكبار.عكس تلك المجلات التي ركزت على كيف تغلب اللعبة أو أكواد سرية تعطيك أفضل الأسلحة فورا، هذه أتت بمواضيع ناضجة لم أرها من قبل: مقابلات مع مبرمجي الألعاب ومالكي الشركات، كيف تحصل على وظيفة في شركة ألعاب فيديو، كتاب الشهر، تاريخ ألعاب الفيديو، أرقام وإحصائيات، خلف الكواليس، إلخ.عرفت أشكال وأسماء العباقرة مثل “شيغيرو مياموتو” صانع Mario، “يو سوزوكي” صانع Virtua Fighter، “يوجي ناكا” صانع Sonic، “هيديو كوجيما” صانع Metal Gear، وغيرهم. رأيت العقل والعمل الهائل الذي يوضع في الألعاب، ساعات لانهائية من البرمجة والاختبار والتحسين.
حتى تقييمات الألعاب كُتبت بطريقة عالية تخاطب الكبار لا الصغار، وجدت كلمات كثيرة لم أعرفها واضطررت أن أبحث كثيرا في قاموس المورد. مرت علي تشبيهات وأمثال شعبية أمريكية لم أعرف معناها ولم يكن هناك انترنت وقتها، كان مثل التحدي، لم أرتح إلا لو عرفت معنى كل كلمة وعبارة في كامل المجلة! لم أدرك وقتها أنني بدأت أدمج حب القراءة الانجليزية مع حب الألعاب، وبدأت أشتري تلك المجلة بشغف من مصروفي البسيط، إنه شعور رائع، كأنني انضممت لعالم الكبار، كل عدد أعدت قراءته عشرات المرات، وهذا سمح لي أن أتجه نحو قراءة الكتب الانجليزية والتي ما أزال أقرأها وأستفيد منها وأضع معلوماتها في هذه المقالات.
هذا ما جعلني الآن أنظر للصورة الكبيرة وأدرك أن هذه من أفضل الطرق لتحبيب القراءة للصغار. أي: ادمجها مع ما يحبه. كتيبات ومجلات في مجالات يستمتع بها كالألعاب والأبطال الخارقين والقصص المصورة. ضعها فقط حوله، على طاولة عامة في البيت، ضعها بجانبه لو كنتم في رحلة طويلة بالسيارة ليتسلى بها بدلا من الجلوس بدلا أو الانشغال بلوح رقمي. لو ذهبت للمكتبة أو حتى لو بحثت في مكتبات الانترنت التي توصل الكتب لبيتك ستجد خيارات كبيرة من الكتب التي تحكي بأسلوب جذاب عمّا يحبه طفلك أياً كان الموضوع، وبدلاً من أن تراه منحنياً كالصنم على تلك الأجهزة أنقذه منها الآن وتداركه بالقراءة، حبل النجاة في هذا العالم الرقمي الجديد الموحش!