في أول أيام الإنترنت، كانت هناك كلمة شهيرة يعرفها من استخدم غرف الدردشة وبرامج التواصل: ب ر ب BRB؛ هي اختصار لعبارة Be Right Back، وتعني استئذاناً للشخص؛ أي أعطني بعض الوقت وسأرجع، لئلا يثير تساؤلك اختفاؤه المفاجئ.
من أدرك أيام الإنترنت الأولى، واستخدم برامج ومواقع ماسنجر مثل ICQ وMSN وياهو وبلاكبيري، رأى تلك العبارة واستخدمها، فيغيب قليلاً ليقضي بعض حاجاته، كأن يفتح الباب أو يكمل واجباً دراسياً أو يكلم أهله أو يذهب للبقالة، وغير ذلك، لكن هذه الكلمة صارت الآن على مسار وحيد القرن الأبيض: إنها في طريقها إلى الانقراض.
والسبب.. العالم الرقمي الذي ابتلعنا! كنا نستطيع أن نتركه في السابق، ولكن الآن ليست الأمور كما كانت، فنحن على اتصال دائم مع العالم، الحواسيب في المنزل والعمل والجامعة، الألواح الرقمية منتشرة، وطبعاً الجوال صار ألصق بك من جلدك، فأين تذهب؟ لا مفر! الطوفان الرقمي يلاحقك! لكن عكس الطوفانات المائية، فإن هذا لا نهاية له، بل يتعاظم باستمرار، طوفان نوح قيل لسمائه: “أقلعي”، فتوقف، أما أنت فمن سيوقف هذا الطوفان الرقمي الذي يطاردك؟
مهما كنت، أينما كنت، العالم يستطيع أن يصل إليك. كلموك ولم ترد؟ ستأتيك رسالة نصية أو عبر برنامج محادثة أو إيميل أو سناب أو تويتر أو إنستجرام.. إلخ. الوقت محسوب، وكلما زاد الوقت الذي لم ترد فيه زاد اللوم، “أرسلت له رسالة منذ الصباح ولم يرد”، بل صارت البرامج تضع تلك العلامات، التي تخبر الشخص أنك قرأت رسالته، فيتضاعف اللوم عليك.
BRB، عبارة اشتقنا لها من زمن أكثر بساطة!