قال الملاكم العريق مارفن هاغلر: صعب أن تستيقظ الخامسة صباحاً وتمارس تمريناتك الشاقة بعد أن قضيت ليلتك نائماً في قميص من حرير.
هذه من الأقوال المفضلة لدي، وكما تعلم فإن الملاكمة من أصعب وأشق الرياضات كلها، فتمارينها بما في ذلك تمارين التقوية واللياقة والمهارات شديدة الإجهاد، وتحتاج طاقة عالية وغذاءً سليماً وصبراً لا حدود له، لا يتحملها إلا القليل، يصبر آملاً أن يكون ملاكماً ناجحاً، وينال المال والشهرة، لكن ماذا يحصل بعد ذلك؟ أغلب الملاكمين يأتون من فقر، ويرون هذه الرياضة العنيفة الأليمة سبيلهم نحو الثراء، فإذا انتقل إلى عالم الأثرياء فماذا يفعل؟ الذي حصل لبعضهم أنهم نالوا المال والقصور والنساء ففترت همتهم، بدلاً من أن يصحو 5 صباحاً ليجري 45 دقيقة يؤخر هذا إلى الظهر ليكمل النومة اللذيذة على الفراش الوثير في القصر الكبير، ولمَ لا؟ إنه ميسور الآن، ولا يحتاج أن يضغط نفسه كما كان يفعل أيام فقره. وهذا ما قصده هاغلر: لا بد أن تكون متجوعاً للنجاح متعطشاً للإنجاز متحمساً لفعل ما تريد، إذا حصلت على ما تريد بسرعة زال التحفيز.
طالما تطلّع البريطانيون إلى ملاكم يأخذ مكان البريطاني المتقاعد لينوكس لويس أحد أعظم ملاكمي الوزن الثقيل، وابتهجوا لما رأوا أداء الشاب أودلي هاريسون في ملاكمة الهواة في الألعاب الأولمبية العام 2000م، وتفاءلوا خيراً بمستقبله، وقد كان واعداً فعلاً، والكل توسّم فيه الامتياز، حتى إن شركة ضخمة وقعت معه عقداً بقيمة مليون جنيه إسترليني لما عزم هاريسون أن يترك الهواة ويدخل عالم الملاكمة الاحترافية، مليون جنيه قبل أن يقذف لكمة احترافية واحدة! يقولون: احذر ما ترغب، فربما تناله. وفي أمثالنا الشعبية: جاك يا مهنّا ما تمنّى. وهذا الشاب جاءه ما يتمنى، فقد صار أداؤه سيئاً بشكل صدم الجمهور، وحاولوا معرفة سوء أداء هذا الشاب الواعد، ويبدو أن السبب كان تلك المليون التي ذهبت بتعطّشه وتحرّقه.
قال تشارلي تشابلن: لا شيء يحزنني مثل فكرة أن أعتاد الرخاء والثراء.