قال عبقري الشطرنج غاري كاسباروف: “أياً كان الشيء الذي يفعله البشر فإن الآلات ستفعله أفضل منا”.
قالها بعد أن نجح الذكاء الصناعي في الحاسب “ديب بلو” في التغلب على أعظم لاعب شطرنج عرفه التاريخ، ورأى غاري لمحة من المستقبل الذي نعيشه اليوم.
أفلام الخيال العلمي عندما تشاهدها تجد أنها تضع البشر والآلات في جانبين متضادين، جانب البشر الطيب وجانب الآلات الخبيثة التي تسعى لقتل البشر، أفلام مثل Terminator و Matrix وI Robot، وغيرها تصوِّر هذا السيناريو، لكن لو فكرت قليلاً لوجدت أن هذا التصوير مبالغ فيه، لماذا؟ لسبب بسيط: كما أن أداء الآلات هو امتداد لأداء البشر (لعب الشطرنج، تركيب الأجهزة في المصانع، تحليل المعلومات.. إلخ) كذلك فإن جرائمها امتداد للشر البشري!
لن يقتنع أي طرف محايد أن البشر هم الجانب الطيب لو اندلعت حرب بين البشر وبين الذكاء الصناعي وآلاته القاتلة، وليس الذكاء الصناعي وتفكيره كياناً أجنبياً منفصلاً عنا، بل هو نحن ونحن هو.
إن كان “سايبورغ الترمنيتور” يقتل فقد سبقناه، فقابيل قتل أخاه، والإنسان حديث عهد بالأرض، لم يكد يمضي على خلق البشر شيء! وأخذت ذريته إلى اليوم في الشر والقتل والدمار.
في مشهد من فيلم Terminator 2 يطعن السايبورغ القاتل T-1000 سارة كونور في كتفها ليجبرها أن تنادي ابنها ليقتله (لأنه سيكون قائد المقاومة البشرية في المستقبل)، والمخيف ليس هذا بل العبارة التي قالها وحديدته مغروسة في كتفها: “أنا أعرف أن هذا يؤلمك”. إنه لا يَقدر أن يشعر بالألم ولكنه مبرمج أن يفهم تشريح الجسم ليكون آلة قتل بالغة الكفاءة، قالها ببرود وإتقان لعمله، لا تستطيع أن تؤلم هذا الرجل الآلي لكنه يؤلمك ويعرف كيف يزيد أو ينقص الألم ويزيده لينفذ مهماته. إنه يعرف تماماً، كما يعرف الإنسان عندما يعذب إنساناً، يعرف أن هذا يؤلم، لكنه لا يكترث، فالمهم تنفيذ الهدف.
وبعد آلاف السنين من الأهوال التي صنعناها ببعضنا، كيف نجرؤ أن نتهم الآلات في رواياتنا وأفلامنا أنها الشريرة؟ وليست إلا امتداداً لتفكيرنا وأعمالنا، ومن كان بيته من زجاج فلا يقذفنّ الناس (ولا الروبوتات) بالحجر!