سأعطيك خواطر، وأخبرني، هل تبدو مألوفة؟
“أنا محتال. أنا مخادع. أنا أكذب عندما أدعي الخبرة. سيكتشفون أني ضحل العلم. سيحتقرونني. بل سيضحكون علي”>
إذا كانت هذه أفكارك، فعلى الأرجح أنك كفء وذكي. أنت فقط وقعت ضحية لظاهرة معروفة، “ظاهرة المخادع” Imposter syndrome.
يشعر بها أكثر الناس وتشتد بين المحترفين والخبراء، فيرى رغم كفاءته أنه غير كفء، وأن غيره أعظم علمًا، وأنه لو زعم أنه خبير أو حتى وصفه الناس بهذا فإن هذه مخادعة للناس وكذب عليهم. تهاجمه الأفكار: «أنا؟ خبير؟ وهل أجرؤ أن أصف نفسي بهذا؟ الكثير أعلم مني، سينتقدني الخبراء الحقيقيون. سيظهر للناس أني محتال أدعي ما لست به”.
كل سنة يُسأل الطلبة الجدد في كلية ستانفورد للتجارة (والذين لم يدخلوا إلا بعد إقرارهم من اللجنة): «من منكم يرى أنه هو الذي أخطأت اللجنة في قبوله»؟ وكل سنة يرفع ثلثا الطلاب أيديهم! هذا رغم أن ستانفورد تحوي بعض أذكى وأفضل طلاب أمريكا كلها. يقول مايكل أوسلان منتج أفلام باتمان: «كلما كنت في استديو الفيلم أشعر أن أحد الحراس سيأتي ويلقيني خارجًا». استبيان وجد أن أكثر المديرين في الشركات يعانون من الناقد الداخلي مهما أظهروا الثقة، حتى إن بعضهم يقضي 80 في المئة من يومه في مصارعة الناقد. يقول بوب لوري أحد مديري مجموعة مونيتور الاستشارية المرموقة إنه في أول 7 سنوات من مهنته شعر أنه متى ما كان في اجتماع فإن الآخرين سيظنون أنه مخادع ومحتال.
ربما تظن الآن أن معدوم الخبرة سيكون أعظم شكًا وانتقادًا لنفسه، لكن الغريب أن العكس يحصل، هذه ظاهرة «دونينغ-كروغر» شديدة الانتشار، وهي أن أقل الناس علمًا في مجال هم أشد الناس ثقة في خبرتهم به. من لديهم علم هائل عن التاريخ سيرى أنه متواضع الخبرة، لكن الطالب الجامعي الذي قرأ قبل دقائق مقالة صغيرة في ويكيبيديا سيرى أنه أحق الناس أن تضرب إليه أكباد الإبل لطلب العلم. سيناقش كثيرًا، سيبث آراءه في كل مكان، سيتعصب لها ويحتقر آراء الخبراء ويجزم أنه آت بما لم تأت به الأوائل.
أيها العالم حقًا، أيها الخبير صدقًا، ليطمئن بالك، فلست وحدك في نقدك لذاتك، وستنتصر على هذا الشعور الكاذب، إنما الأحق بالشفقة أهل «دونينغ-كروغر»، أنار الله بصائرهم.