كنت أتصفح منتدى إنجليزيا ورأيت موضوعا شدني، يسأل كاتبه: ما الأغنية التي تستحق أن تكون أغنية الترحيب لمولود؟
والإجابات مثل السيمفونية التاسعة لبيتهوفن أو أغنية هابي بيرثدي أو أغاني إيجابية أخرى، لكن استغربت لما أجاب أحدهم: أغنية Welcome to the Jungle (مرحباً بك في الغابة). إنها أغنية لا تناسب حدث قدوم مولود إلى الدنيا، فهي صاخبة وموجهة للكبار، ألفّتها فرقة روك أميركية شهيرة اسمها Guns N’ Roses، وكلماتها ترحب بسامعها إلى “غابة” لوس أنجلس وكل ما فيها من عنف ولذة وفرص وخوف، لكن هي فعلا أفضل أغنية للترحيب بالمواليد!
أول كلماتها: «مرحبا بك في الغابة، لدينا المتع والألعاب».
هذا ما نرغب أن نفكر به عندما يولد مولود، الإيجابية بمستقبل الطفل، تتكاثر السيناريوهات المتفائلة، سيرى هذا المولود الألعاب والمتعة خاصة في طفولته ومن ثم أشياء جميلة إذا كبر.
بعدها تستمر الأغنية: «إذا رغبت فستنزف مقابل ما ترغب، هذا هو الثمن».
هذا حال الدنيا أيضا، لا شيء مجاني، تريد النجاح أيها المولود؟ تريد محاسن الدنيا؟ ستتعب وتعاني وتكدح كمعظم الناس.
تكمل كلماتها: «مرحبا بك في الغابة، حيث كل يوم أسوأ من الأمس».
ما أصْدق هذا! مهما بدا أن الدنيا أفضل من السابق إلا أنها أسوأ من أوجه كثيرة خفية أحيانا، تطورنا في طب الجسد لكن انفجر المرض النفسي والخواء الروحي والانتحار، حصلنا على تقنيات عالية كالجوالات وفقدنا الخصوصية وراحة البال والتواصل الحقيقي. وبعض الناس حرفياً أسوأ حالا كل يوم من الذي قبله، في حلقة من العذاب لا تنتهي.
ختاما تنتهي الأغنية بالتذكير بالنهاية في مكان متوحش مثل لوس أنجلس، ولكن الدنيا أكثر وحشية: «هل تعلم أين أنت؟ أنت في الغابة! وسوف تموت!»
ضحكتُ على رد ذاك الشخص الذي اقترح هذه الأغنية مبدئيا، لكن زالت الطرافة، هو صادق، أمامك حياة لن تخلو من قسوة ومعاناة أيها المولود، فمرحبا بك في الغابة!